بقلم خيرية جودة
صديقي الجني…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعلقت بك منذ كنت صغيرا، حينما كانت جدتي تجمعنا أنا وأخوتي كل ليلة لتحكي لنا حكاية جديدة، ومن بين هذه الحكايات استطعت أن أتعرف إليك، دون أن أعرف الزمن الذي كنت فيه أو المكان الذي تنتمي إليه، لأن جدتي كانت تبدأ القصة دائما بـ (كان ياما كان في سالف العصر والأوان) فكنت أنام وأنا أطير معك حيث القصور المسحورة والغيلان والعنقاء والكهوف المظلمة، وحوريات البحر وأميرات الجان، لقد جعلتني أتصور عالما آخر لا أراه ولا أصل إليه.
ثم كبرت.. وكبر حنيني لمعرفة حقيقتك، وأين تكون الآن، وما الذي آل إليه مصيرك بعد كل هذه الرحلات الممتعة.
نعم… فكثيرا ما ذهبت أنا وعائلتي إلى شاطئ البحر.. لألتقي الصياد الذي عثر عليك ذات يوم وهو يصطاد رزقه ورزق عائلته ويخبرني كيف علقت حينئذٍِ في شباكه، فأردت قتله وفاءً لعهد كنت قطعته على نفسك بعد ألف عام من حكم سيدنا سليمان عليك بالسجن في القمقم، ولكنه حينما أيقن أنه ميت لا محالة، خدعك مقنعا إياك أن تتحول إلى دخان، ثم تعود حيث كنت في القمقم النحاسي..!
صديقي ..
أخبرني من ذاك الإنسان الذي أطلقك فصار سيدك وصرت عبدا له، حقيقة لا أدري..هل حقا يصبح القويّ عبدا والضعيف سيدا، أم أنها أسطورة من أساطير الجدات المسلية ؟
أيها المارد..
أيها العملاق، منذ زمن لم أسمع عن أخبارك وأخبار أخوتك شيئا، وكم أردت أن أسألك: هل حقيقة أن سيدنا سليمان هو أول من حبسك داخل القمقم النحاسي وأمر بإلقائك في البحر؟ هل حقا بحثت منذ ألاف السنين عن أحد يخلصك من هذا السجن حتى جاء سندباد البحري وأصدقاؤه فأنقذوك، ثم غيرت مسكنك فسكنت المصباح السحري الذي كثرت عنه الحكايات وتناقلتها الكتب والألسنة، فما عدت أجد من يدلني على الحقيقة، فيخبرني من أين أتيت، وأين ذهبت، وأين تأوي الآن ؟
وكم جلست طويلا عند شاطئ البحر أبحث عن القمقم بين الرمال مرة ، ومرة أخرى عن المصباح السحري ، ومرة عن خاتم سليمان عليه السلام ، وكنت أفرح حين أراك على شاشة التلفاز تطير على البساط السحري تجوب المدن والأقطار فتساعد المحروم وتعين المظلوم.
يا مارد المصباح السحري..
حينما أصبحت صديقا للسندباد البحري تحمله حيث يجد الأميرة بانتظاره، وتحمله حيث القصور السبعة وحيث العماليق، وتنجيه من أي خطر…أحببت سندباد الذي أحب الخير ، وأحببت مساعدتك الدائمة له، رغم أني لم أعرف من أي عالم جاء صديقك الودود الذي يقضي على الأشرار، ويعيد الحق إلى أصحابه ، فقط كنت مستمتعا بمتابعة أخباركما وكنت مستعدا أن أشارككما هذه المغامرات الشائقة ،وكثيرا ما سهرت أحدث أخوتي الصغار ما أحفظه من قصص ومغامرات، فأدخل الفرح والبهجة إلى قلوبهم وأعدهم بالمزيد من هذه الحكايات في الأيام القادمة .
أما أصدقائي فكانوا لا يقلون شوقا عني لهذه المغامرات، كانت البحار السبعة التي تقطعها بسرعة البرق عالما جميلا يحلمون بزيارته، حتى في أحلامهم وخيالهم.
أيها المارد، أتعرف لماذا أبعث لك بهذه الرسالة الآن؟
أريدك أن تصبح صديقا لي وأن تحقق لي أمنياتي الثلاث:
الأمنية الأولى:
أريد أن ترمي اليهود إلى البحر أن تغرق شرهم وعدوانهم وأسلحتهم، وان تغرق كذبهم وادعاءاتهم، فنحن الآن ضعفاء ونبحث عن قوي ينقذنا من شرورهم وطغيانهم، ولا تتصور كم جلست أتخيلك تسحق الأعداء وتعيدهم من حيث أتوا، فتعود أشجارنا شامخة وبيوتنا عامرة بأصحابها، والأرض خضراء مزهرة بالأفراح والطمأنينة.
فهل تحقق لي هذه الأمنية ؟!
صحيح أنها أمنية صعبة التحقيق في الوقت الحاضر، ولكن يوم الوعد آت يا مارد المصباح السحري، وقد وعدنا الله بالنصر على الظالمين بإذنه سبحانه وتعالى.
الأمنية الثانية:
أن توحد المسلمين وأن تجعل الوطن الكبير وطنا لكلّ المسلمين، فهم متفرقون لم تجمعهم كلمة الإسلام حتى الآن، ولم يجمعهم أطماع الآخرين بثروات بلادنا.
الأمنية الثالثة:
أن يمحى الجوع والفقر والجهل من العالم وأن تزول الأمراض والأوبئة، فيعود العالم جميلا مشرقا.
أين أنت يا صديقي المارد
نعم إنك لا تستطيع فأنت جني خلقك الله وسخرك لنبيه سليمان عليه السلام وليس لجميع البشر ، أنت لا تستطيع حتى أن تتحول إلى دخان ثم تدخل المصباح إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى.
أيها المارد العملاق..
أينما كنت وأينما ستكون بعد أن تقرأ رسالتي، أود أن أشكرك لأنك وهبتني المتعة عندما كنت صغيرا، ووهبتني القدرة على أن أحلـّق بعيدا في السماء فأتخيلك هناك في الأعالي.
كما وأشكرك جزيل الشكر، لأنك كنت سببا في اليقين العميق الذي ملأ قلبي بأن الله هو القادر على كلّ شيء؛ هو الذي يحيي ويميت، ويجمع ويشتت، وينصر ويهزم؛ الله وحده فقط وضع لكلّ شيء سببا وغاية لا ندركها نحن البشر ولا أنتم معشر الجان !
اذهب ونم الآن.. أو ابق في قرار البحر حتى تقوم الساعة، أو في خيال الصغار، أو في قصص الجدات ولكن عليك أن تعترف أنك مجرد دخان مهما تجمع لا يملك من أمره أكثر مما وهبه الله وأنّه مهما كان قويا فمصيره ومآبه حيث يشاء العزيز الجبار.
وإلى أن نلتقي في الحلم أو في الحكاية القادمة لك مني أعطر التحيات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صديقك المخلص
شيء؛ هو الذي يحيي ويميت، ويجمع ويشتت، وينصر ويهزم؛ الله وحده فقط وضع لكلّ شيء سببا
وغاية لا ندركها نحن البشر ولا أنتم معشر الجان .
بعد هذه الكلمات الجميلة من الرسالة المفيدة نسأل الله العلي العظيم أن يدمر اليهود ومن عاونهم
ويزلزل الأرض من تحت أرجلهم وينصر المسلمين .
شكرا جزيلا الأخت الفاضلة على الرسالة الرائعة .
القلم الصادق هو وحده من يكتب الدعاء الخالص الذي نتمنى أن تتفتح له أبواب السماء بإذنه تعالى ..
سلم قلمك و زاد علوا غاليتي خيرية ..