موجهة اللغة العربية: خيرية جودة
تلك باقات الياسمين تطوق أعناقنا بالصفاء .. كي نلتف حول قيم الانتماء والعمل الجادّ ، وهي ليست دعوات للاستجمام في المناسبات ، بل هي راية خافقة في قلوب الأوفياء ، ودعوة لرؤية امتداد الإخلاص في الإرادة الحية التي لا تقف عند إجحاف المجحفين ولا ظلم المثبطين ، تلك ملامح الطيبة التي قادها المحبون لأمتهم وشعبهم بكلّ ما فيها من قيم المشاركة والتعاطف ونبل الأخلاق ، إذ تصفو بعمق الإيمان المغروس في أمتنا الإسلامية …
وأنا عائدة اليوم ، صحبني اللون الأخضر في كلّ مكان، كان يزهو على أطراف الشوارع .. كما يزهو على أكفّ المخلصين الذين يعملون بنية القبول من الله ، حينما كنت أعتلي جسرا ، كان هذا الجسر ممتدا في أعماقي ، فالجسور المعنوية تلك التي تجمعنا لتحقيق هدف واحد- كثيرة ومتماسكة : فهدفنا الرفعة والسمو والوصول لأرقى منازل العلم والمعرفة ؛ أولسنا خير أمة أخرجت للناس ؟! أولسنا من يفتح قلبه للآخر حينما تغلق الأبواب اقتداء بسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي هاجر من أحبّ أرض إليه ، لتفتح له أرض المدينة التي أحبها وأحبته لهذا نعمرُ الدنيا- كما أمرنا الله – بالحقّ والعلم والخير …..
فأمام ناظرينا من صيّر الأوطان وطنا ، وبتصميمه وإرادته امتدت الجنات فغطت رمال الصحراء الحارقة ، كان يعلم أنها أرض خصبة تهب الخير لمن يوليها الاهتمام والرعاية ، وتشدّ على أيدي من يعطون ويبذلون .
قد عدت من المناطق التي تحوط الشارقة بمزارع النخيل ، سكنني شعور بالشموخ تتلون به السماء ،فهبة من الله أننا قادرون على شكر نعمه ، وصونها …
يا إمارات ؛ ما الوطن إلا راحة وأمان … ونحن نمدّ أنظارنا إلى من يمنحنا الثقة كلما شعرنا بالتعب والضنى ، ولا أبلغ من هذا الإحساس إلا حينما نسمع صوت الأمواج ،وهي تحكي حكاياها الجميلة ..حكايا تعانق المدى الأزرق العميق ، وقصص لقوارب قاومت العواصف ،وعيون تنتظر …كلنا لنا ميعاد وننتظر ،ورمال الشاطئ الذهبية تمنحنا مشاعر السكينة ، نحن نرافقها … وهي تبني قصص الحب والتراحم والتآخي على الأرض الإسلامية الرحبة المعطاء ، فهي إطلالة النوارس التي هاجرت بحثا عن قلب طيب ، رمال الشاطئ تحتضن أجنحة النوارس …فكم تحمل كفاحا ومعاناة !
لم أتجول في المدينة ، فقط تجولت في عيون الصغار ، في أفراحهم ، وفي أهازيج أمهاتهم ، في مهود أمنياتهم القادمة ، في أجوائهم المدهشة العابقة بالبراءة والصدق و الآتي …
وفي خاطري أن أقول لمن أنتمي إليهم، زملائي وزميلاتي.. في منطقة الشارقة التعليمية؛ كلمات معبرة..لكنني لم أجد أصدق من الدعاء …
أدعو الله أن يهبنا القدرة على العطاء.. وأن نتجاوز غيبة الضمائر والصغائر .. وأن تمتد أيدينا يدا واحدة لما فيه مصلحة أبنائنا وبناتنا الطلبة.
فهم الأمانة .. وهم ذخر الأمة وسؤددها وصدق ربّ العزة حين قال :
(وقفوهم ،إنهم مسؤولون).
كلماتك الجميلة تنبض بالإخلاص والعطاء وحب العمل، حفظك الله – تعالى- ونفع بك الأمة .