خالتي عضوة نشيطة في جمعية الرجاء للمعاقين والتي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة في بلدتنا السورية مصياف الجميلة وأثناء إجازتي الصيفية فوجئت بخالتي تعطيني دعوة لحضور حفلة خاصة بالجمعية سيعود ريعها للجمعية وباعتباري في إجازة فمن الأجدر أن احضر حفلة مع والدي للترويح عن النفس
وفي اليوم المحدد للحفلة لبست أجمل ملابس ولم اعلم شيئا عن تلك الجمعية سوى أن خالتي تعمل بها.
وصلنا إلى المكان المحدد للمبنى بعد إن مررنا في شوارع ضيقة وبيوت قديمة وأنا انتظر أن أرى مبنى ضخما عليه عنوان عريض كما أراه هنا في الإمارات أضواء وإشارات لا معة وما إلى ذلك.
توقفت أسرتي عند باب قديم لا يفصله عن البيوت المجاورة سوى جدار إسمنتي قليل الارتفاع بابه متهالك . توقفت لبرهة حيث سمعت أصوات موسيقى وأصوات تخرج من داخل المنزل
سألت والدتي
أمي أهذه هي جمعية الرجاء؟
نعم يا بني هيا لندخل.
دخلنا وإذ بحديقة المنزل لا تختلف في قدمها عما رأيته قبل الدخول دهشت لما رأيت وللحظات هممت بالعودة إلى المنزل لولا ذلك الطفل المقعد الذي أثار انتباهي طفل لم يتجاوز السادسة من عمره يجلس على كرسي متحرك
ياالله ماذا لماذا يأتي إلى هنا وهو مرض !
لم أكمل تساؤلي حتى أحسست بيد تمسكني بقوة وتقول
أهلا بك يا عمر. تعال لأعرفك على أطفال الجمعية.
دخلت صالة المنزل بخجل وتردد لأنني غير معتاد على هذه التجمعات
تسمرت مكاني عندما رأيت أمهات وآباء وشباب وشابات وأطفال يجلسون على كراسي ينتظرون الحفل الذي سيقدمه من فقدوا نعمة من جسمهم.
فهذا سالم لاستطيع المشي و وهذا محمد شاب في مقتبل العمر عاجز لايقدر على تحريك يديه عن هذه ألاء صماء وهذه أية خرساء وهذا… وهذه… هكذا عرفتني بهم خالتي لتقول هذا صديقكم عمر انه قادم من الإمارات في إجازة مع والديه وسوف يساعدنا على تقديم الحفل
لا أدري ماذا انتابني في هذه اللحظات لم استطع تحمل المنظر حتى أنني هممت بالبكاء ولكن كيف ابكي وأنا من انعم الله علي بحسن الخلق كيف ابكي أمام أولئك الأقوياء الذين استقبلوني بابتسامة التفاؤل التي قد نفقدها نحن الأصحاء
اعتلى صوت الموسيقى يخبرنا ببدء الحفل .
حيث طلب من الجميع الصمت والالتزام.
يبدو إنني مازلت في إطار المفاجآت
محمد هو عريف الحفل !
وألاء وأيه وأخريات سيقدمن مسرحية صامتة معبرة
وسالم أيضا"سيغني ؟؟؟
ارتفع صوت محمد يحيي الحضور بصوت عال ومعبر وتصفيق الحضور يشجعه ويخفف من خوفه وتوتره ليجعلني انسجم وأزيد من ابتسامتي لنشعرهم بالأمان بدأت التفتت مرة لليمين ومرة لليسار كلما نادي محمد باسم احدهم ليقدم الفقرة حتى وقعت عيناي على سالم الذي أثار دهشة وحماس الحضور حيث اعتلى المسرح الصغير لبدأ بصوته الشدي ينشد أغان وأناشيد رائعة بنظراته البريئة وابتسامته الرقيقة التي أعلنت انتهاء الحفل ليعلن فيما بعد عن افتتاح المعرض الخيري لأبناء الجمعية الذين شاركوا بمعارض عدة خارج إطار بلدتنا
المعرض عبارة عن عدة طاولات وضع عليها غطاء احمر واحد لتوزع أعمال المشاركين البسيطة التي لاقت التقدير والإحسان من كل الحضور حيث قاموا بشراء بعض المشغولات اليدوية كسلاسل الخرز والجزارين المطرزة وأغطية الطاولات التي سهر عليها أبناء الجمعية ليتم عرضها اليوم.
لم اكتفي بشراء مشغولات كثيرة كهدية قيمة لمن أحبهم هنا بل قررت شراء هدايا لأولئك لأطفال الذين قرروا تخطي إعاقتهم ورسم ابتسامة مشرقة لم تفارق محياهم أبتسامة حب وتفاؤل بالحياة.
شكرا لكم يا أبناء هذه الجمعية الصامدة رغم الإمكانيات البسيطة.
شكرا لكل من تطوع لخدمة هذه الجمعية وأمثالها .
شكرا للطبيب والمهندس والمعلم والموسيقي والمعالج الفيزيائي وسائق التكسي والعامل الذين أسسوا هذه الجمعية. وأمثالها.
شكرا للأمهات اللواتي تغلبن على حزنهن العميق وجئن باندفاع ليقلن للجميع أولادنا بينكم فكونوا معهم .
شكرا لك يا خالتي لأنك في نظري عنوان للعطاء وأنت أم عطاء لأنك تقدمين ولا تنتظرين سوى ابتسامة سالم ومن معه شكرا لكل من يقدم من ماله جزءا بسيطا ليستمر العطاء
شكرا لك أيها المنزل المتهالك لأنك صمدت من اجلهم وعبرت للجميع أنه ليس المهم ان نعيش في قصر دون سعادة قد نكون تحت سقفك ونحن سعداء
مع تحياتي
أنا الطالب عمر احمد الجرعتلي
جمعية الرجاء للمعاقين