كان الذئب جالساً أمام البيت . اقترب منه الأرنب وحيَّاه ، ثم قال :
– لقد جئتك لأمر يا أبا ُمامة ، وأرجو ألا تردني خائباً .
قال الذئب :
– أهلاً بكَ أوَّلاً .. ما هو الأمر الذي يحملك على المجيىء إليَّ بقدميك .. لعلَّه أمر بالغ الأهمية ؟!
قال الأرنب :
– هو كذلك . لقد يئست من عناد اخوتي ، وجئت أعرض عليك الصلح ، فماذا تقول ؟
أطرق الذئب .. وبعد صمت قصير، رفع رأسه وقال :
– موافق، ولكن هل ستوافق على شرطي ؟
قال الأرنب :
– شرط !! .. إذا كان ممكناً ، فلن أعارض .
قال الذئب :
– لقد تقدمت بيَ السن ، وداهمتني الأوجاع .. وأنا بحاجة إلى فراش يقيني من حصباء الأرض.. أنا بحاجة إلى فرائك الناعم أيها العزيز .. فهل تعيرني إيَّاه؟
فوجىء الأرنب بهذا الطلب الغريب، ولكنه قال :
– لابأس .. فالوقت صيف ، وأنا لا أحتاج لفرائي الآن .. سأقدمه هدية لك عربوناً للصداقة الجديدة .
خلع الأرنب فراءه الجميل ، وقدَّمه للذئب الذي قال :
– شكراً لك أيها الصديق الرائع .. شكراً لك .
ومرَّت الأيَّام سراعاً ، وجاء الشتاء ببرده وثلجه ، وشعر الأرنب بحاجته إلى فرائه الدافىء، وأدرك كم كان غبيَّاً عندما تخلَّى عنه للذئب .. وبعد تفكير طويل ،
قررأن يستعيد الفراء ، وإلاَّ مات من البرد .
سار الأرنب متحاملاً على نفسه ، يقاوم لسعات البرد قدر ما استطاع ، حتى وصل إلى بيت الذئب .
وبعد طرق متواصل على الباب ، فُتح ، وأطلَّ منه الذئب برأسه الرمادي .. وما إن رأى الأرنب حتى صاح :
– أهلاً .. أهلاً بالأرنب العزيز .. هل من خدمة أستطيع أن أقدمها لك ؟
قال الأرنب وهو يرتجف :
– جئتك من أجل الفراء . أنا بحاجة إليه اليوم ، وسوف أعيده لك بعد أن ينقضي الشتاء .
ضرب الذئب كفَّاً بكف ، وقال بحزن مفتعل :
– يالتعاستي .. يالشقائي !!
صاح الأرنب :
– ماذا .. ماذا حصل؟!
قال الذئب :
– لن أقدر على تلبية طلبك اليوم . لقد مزَّقت الفئران بعض جوانب الفرو .. وكنت أعتزم إصلاحه الليلة لِعِلْمِي أنك ستحتاج إليه .
صمت الذئب لحظات ، ثم تابع كلامه :
– يُسعدني أن أستضيفكَ الليلة أيها العزيز .. وسوف أسهر الليل كله حتى أنجز لك فروكَ .. آهٍ كم أنا خجل منك .. تفضل يا أخي .. تفضل .
ودخل الأرنب بيت الذئب . ولا تسألوا ماذا حدث بعد ذلك . كل ما أعرفه أن أحداً لم يعد يرى الأرنب والذئب يسيران معاً . كما أن الأرنب لم يظهر له أثر منذ ذلك اليوم