والزوجة أم والأم هي الحياة والمستقبل وهي شركة والشركة قوامها الوفاء والإخلاص من طرفيها وهي كما قال عنها أهل العلم : ( إذا غاب زوجها حفظته وإذا حضر سعدته وإذا مرض طببته وإذا اُبتلي حمدت وإذا عوز صبرت وإذا نعم حدثت وإذا حدثت شكرت ، وهي التي تعرف مواطن الألم فتتجنبها وتعلم مواقع السرور فتقبل عليها وتدرك وقت الهش وصفاء البش ومنهما تنطلق آمالها وآلامها وهي التي تفكر وتعمل في ثلاث :
1_ كيف ترضي زوجها .
2_ كيف تسعد زوجها .
3_ كيف يقبل عليها زوجها .
فلا يرى منها إلا الوجه الحسـن وإلا الوجه المشرق فلا ينبغي أن يرى منها ما تشمئز منه النفس وما تنفر منه الطباع لأن النفس البشرية بفطرتها تنفر من كل ما يخالف السرور وتشمئز من كل قول مؤلم أو منظر منفر أو عمل بئيس فإذا حدث هذا صدت النفس وتوقف العطاء وتلجلج الفكر واضطربت الأعصاب ووهن حبل الرباط المقدس ) ، من أجل هذا قامت شركات أدوات التجميل والمكياجات ومن أجل هذا ترغب الزوجة أن تكون دوماً في ريعان شبابها إلى آخر يوم في حياتها .
لا ضير أن يرى الزوج من زوجته بحكم الفطرة الطبيعية ما تشمئز منه الزوجة نفسها ولا يألم من ذلك وهناك فرق كبير بين أن يرى من تلقاء نفسه وبين أن يقال له هلم لترى فما رأى لا ضير فيه وما يرى لا مندوحة فيه .
والزوجة الناجحة هي المسؤولة وهي التي تفخر بمسئوليتها ومسئوليتها استمرارية لا تقف عند حد مهما كان أمر تابعوها تؤمن برسالتها وترعاها من يوم ولادتها إلى أخر يوم من حياتها مسؤوليات تلو مسؤوليات وعمل يتبع عمل من اجل رسالة استمرارية البشرية لما خلقها ربها وما أروع وصـية أم لابنتها قبل زفافها التي ذخرت بها مناهل الأدب والبلاغة ، يروي الإمام الغزالي في كتابه ( الأحياء ) 4/163 وصية ( أسماء بنت خارجة ) لأبنتها عند الزفاف فقالت لها : ( يا بنية انك خرجت من العش الذي درجت فيه فصرت إلى فراش لم تعرفيه وقرين لم تألفيه ، فكوني له أرضاً يكن لك سماء ,, وكوني له مهاداً يكن لك عمادأ ,, وكوني له أمة يكن لك عبداً ,, لا تلحقي به فيقلاك – أي لا تلحي عليه في الطلب فيكرهك – ولا تباعدي عنه فينساك ، إن دنا منك فاقربي منه ، وإن نأى عنك فابعدي عنه ، واحفظي عليه انفه وسمعه وعينه فلا يشمن منك إلا طيبا ولا يسمعن عنك إلا حسناً ولا ينظرن منك إلا جميلا ..) .
وفي كتاب ( تحفة العروس ) ذكر عدة وصايا منها أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما أوصى ابنته فقال : إياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق ، وإياك وكثرة العتب فإنه يورث البغضاء ، وعليك بالكحل فإنه أزين الزينة ، أطيب الطيب الماء .
وأوصت أم معاصرة إبنتها قبل زفافها فقالت :
يا بنيتي ! أنت مقبلة على حياة جديدة حياة لا مـكان فيها لأمك أو لأبيك أو لأحد من اخوتك فيها ستصبحين صاحبة لرجل لا يريد أن يشاركه فيك أحد حتى لو كان من لحمك ودمك .
كوني له زوجة يا ابنتي وكوني له أماً اجعليه يشعر أنك كل شيء في حياته وكل شيء في دنياه اذكري دائما أن الرجل أي رجل طفل كبير اقل كلمة حلوة تسعده لا تجعليه يشعر انه بزواجه منك قد حرمك من اهلك وأسرتك ، إن هذا الشعور نفسه قد ينتابه هو ، فهو أيضاً قد ترك بيت والديه وترك أسرته من أجلك ولكن الفرق بينك وبينه هو الفرق بين المرأة والرجل المرأة تحن دائما إلى أسرتها إلى بيتها الذي ولدت فيه ونشأت وكبرت وتعلمت ولكن لا بد لها أن تعود نفسها على هذه الحياة الجديدة لا بد لها أن تكيف حياتها مع الرجل الذي اصبح لها زوجاً وراعياً وأباً لأطفالها هذه هي دنياك الجديدة .
يا ابنتي هذا هو حاضرك ومستقبلك هذه هي أسرتك التي شاركتما أنت وزوجك في صنعها ، أما أبواك فهما ماض إنني لا اطلب منك أن تنسي أباك وأمك واخوتك لأنهم لن ينسوك أبداً يا حبيبتي وكيف تنسى الأم فلذة كبدها ولكنني اطلب منك أن تحبي زوجك وتعيشي له وتسعدي بحيــاتك معه …
قلت : وأما وصية الأب لولده عند زواجه فالقول ما قاله الحق سبحانه وتعالى ( وعاشروهن بالمعروف )) النساء 19.
وقوله تعالى : (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة )) البقرة 228 .
وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلــم : ( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) . ( واستوصوا بالنساء خيراً ) . و ( خيركم خيركم لأهله ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
ويكفي الزوجة الناجحة القائمة بحق زوجها قول الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم : " أيما امرأة توفيت وزوجها راضي عنها دخلت الجنة " ، ما أروع التضحية وما أجمل الثمن .
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الاروع مرورك على الموضوع
كل الشكر والتقدير
باركـ فيـكـ المولى ،،