لا تعجز ان تقرأ هذه الأسطر القليلة فهذا كلام رب العزة وقد تشفى من كثير مما تعاني إذا اتصلت بالرحمن عن طريق كتابه- جزء من تفسير اية من سورة الاسراء للشيخ الدكتور راتب النابلسي
شفاءٌ ورحمة ، يا ترى هل القرآن الكريم يشفي الأمراض المادية ؟ أم أنه يشفي النفوس ؟ أو يشفي العقول ؟ علماء التفسير يرجحون أن العقل الجاهل يشفيه من الجهل ، فيعرفه بالله عز وجل ، أخطر شيء في الحياة الجهل ، أعدى أعداء الإنسان هو الجهل ، فإذا عرفت من أنت ، وأين كنت ، وأين المصير ، ولماذا خلقت ؟ وما هو أجدى عملٍ تفعله على وجه الأرض ؟ وما هي مهمتك على سطح الأرض ؟ ولماذا تعمل الصالحات ؟ من أجل جنة عرضها الأرض والسماوات ، إذا عرفت الحقيقة ، وعرفت سر الوجود ، شفي عقلك من داء الجهل !
الإنسان بلا علم كالبهيمة تماماً ، الإنسان بلا علم إلى أن يكون حيواناً أقرب منه من أن يكون إنساناً ، يأكل ، ويشرب ، وينام ، ويعطي نفسه ما تشتهي ، ويتكلم ما يحلو له ، فيؤذي ويفرق ، ويخرب البيوت ، وهو لا يدري ماذا يفعل ، يتمحور حول ذاته ، يجر الأمور نحو مصلحته ، يعيش على أنقاض الآخرين ، يبني مجده على رفاتهم ، يبني غناه على فقرهم ، يبني سعادته على شقائهم ، يبني حياته على موتهم ، يبني أمنه على قلقهم ، الإنسان من دون علم ومن دون هدى يدمر نفسه ، ويدمر مجتمعه ، يدمر ذاته ، ويدمر الآخرين ، لا تعنيه إلا ذاته ، فلذلك ربنا عز وجل قال :
شفاءٌ لهذا العقل ، وشفاءٌ للنفس ، أحياناً تصاب النفس بالقلق ، تصاب بالخوف ، تصاب بالشعور بالقهر أحياناً ، إن هذه الأحاسيس المدمرة ، هذه المشاعر المقلقة ، وهذا الاختلال في توازن الإنسان ، هذا كله سببه الجهل ، يأتي القرآن فيطمئن ،
( سورة النحل )
هذا نصٌ قرآني ، هذا كلام رب العالمين ، يجب أن يبدد هذا الكلامُ كلَّ خوف ، كل قلق ، كل شعور بالمستقبل المظلم ، يجب أن يبدد هذا القول وهو كلام رب العالمين كل شعور بالظلم ، كل شعور بعدم الإنفاق ، كل شعور بأن الحياة تحتاج إلى إنسان شرس ، إلى إنسان قوي ، لا .
والدليل الواقع الذي أمامك ، كن لله كما يريد يكن لك كما تريد ، هل من مرض يصيب الإنسان يفوق الشعور بعدم الإنفاق ؟ الشعور بالقهر ؟ الشعور بالامتهان ، الشعور بأن الحياة لا معنى لها ، لا جدوى منها ؟ الحياة للقوي لا للضعيف ، الحياة للغني لا للفقير ، هذا الشعور الممل ، شعور التفاوت ، شعور القهر ، شعور القلق هذا كله مبدِّد في القرآن الكريم .
( سورة الجاثية : 21 )
انتهى الأمر ، الله عز وجل يعجب ! أيعقل يا عبادي أن أعامل المسيء كالمحسن ؟ أن أعامل المؤمن كالكافر ؟ الكافر كالمؤمن ؟ أن أعامل الذي يعلم كالذي لا يعلم ؟ أن أعامل المحسن كالمسيء ؟ أن أعامل من عرفني كمن لا يعرفني ؟ أيعقل هذا ؟ إذا قرأت القرآن :
( سورة الزلزلة )
الإنسان أحياناً لجهله بقواعد الحياة ، لجهله بكتاب الله يستنبط حقائق مضحكة ! يقول : إن الإنسان مهما عمل من الصالحات ، هذا لا يجدي إلا أن يكون مؤذياً للناس ، يخرج بحكمةٍ خرقاء ، استنبطها من الناس من تعامله مع الناس ، ولو أنه قرأ كلام الله عز وجل :
الإنسان قد يصادف شخصاً كافراً ، بعيداً عن الله عز وجل ، عاقًّا لوالديه ، يزداد قوةً وغنًى وشأناً ومكانةً ، فيصيبه اليأس ، فيأتي قوله تعالى :
( سورة الأنعام )
هذه الآية تضفي على قلبه الطمأنينة والسكينة ، فالإنسان من دون قرآن يضيع ، يقلق ، يختل توازنه ، أحياناً ييأس ، يأتيه يأسٌ قاتل ، هذا الذي ينتحر ، لماذا انتحر ؟ يئس من العدالة في الأرض ، يئس من الفرج ، يئس من أن يكون له طريق إلى السعادة ، فانتحر .
لو أنه قرأ كتاب الله عز وجل لشفيت نفسه من هذه الأمراض .
الذي أراه من خلال قراءتي لهذا الكتاب الكريم أنه ما من مرض نفسي ، وما من حالةٍ نفسيةٍ صعبة ، وما من شعورٍ مملّ ، وما من تمزقٍ نفسي ، إلا بسبب البعد عن هذا الكتاب ، ولو أن الإنسان قرأ كلام الله بفهمٍ وتبصرٍ وتدبرٍ لزالت عنه كل أمراضه .
قد يقول قائل : العالم سيصاب بظاهرة اجتماعية اسمها التفجر السكاني ، وسوف تقلّ المواد عن حاجة الناس ، وسوف يأكل الناس بعضهم بعضاً ، وسوف تصيب المجاعة معظم الدول المتخلفة ، وسوف ، وسوف … تجلس معه ساعةً لا تستطيع أن تقف على قدميك ، تحس أن الحياة قد انتهت ، وأنه لا حياة للفقير ، اقرأ قوله تعالى :
( سورة الروم : 40)
فالرزق إذاً مُنْتهٍ أمره ، لكن ربنا عز وجل أحياناً يجعل هناك بعض الضيق من أجل أن يمتحن العباد ، يقول تعالى :