إن العلاقة بين الإبداع والذكاء تناولتها دراسات عديدة ، أظهرت نتائج متباينة من حيث الإيجاب أو السلب ، ويشير الأدب التربوي في هذا المجال إلى وجود اتجاهين مختلفين بخصوص هذه العلاقة ، ويمكن توضيحهما بالأتي :
الاتجاه الأول : ويرى أن الإبداع في مجالاته المختلفة هو مظهر من مظاهر الذكاء العام للفرد ،كما أن الإبداع عملية ذهنية ترتبط بالذكاء ، أي جانب من جوانب الذكاء الكلي ، وحسب هذا الإتجاة فإنه من لم يكن ذكيا ،فلا يتمكن من اختراق المألوف وأن يبدع شيئا جديدا ، أي ليست لديه القدرة على الإبداع ، أي أن أصحاب هذا الاتجاه يرون أن هناك علاقة ارتباطيه موجبة بين الذكاء والإبداع .
الاتجاه الثاني : ويرى أن الإبداع ليس هو الذكاء ، فهما قدرتان مختلفتان من أنواع النشاط الذهني للفرد ، أي أن الإبداع قضية مختلفة تماما عن الذكاء ، وحسب هذا الاتجاه فقد نجد تلميذا يتمتع بدرجة مرتفعة من الإبداع ، في حين أن درجته على اختبارات الذكاء ليست مرتفعة ، كما أنه يمكن أن نجد تلميذا لديه درجة مرتفعة من الذكاء ، ولكنه ليس مبدعا ، وقد يعزى ذلك إلى عدم مناسبة الفرص والظروف من أجل التعبير عن أفكاره الجديدة ، واختراق المألوف ،وعدم وجود حرية التعبير ، وعدم توافر الأمن النفسي ، وبالتالي فإن العلاقة بين المفهومين ضعيفة ، حيث ينظر إلى الذكاء كما تقيسه اختبارات الذكاء إلى أنه تفكير تقاربي ، ويتطلب منا تقديم إجابات صحيحة ومحددة ، بينما الإبداع فهو تفكير متشعب (تباعدي ) ويتطلب تقديم حلول نادرة ومتعددة .
وتناولت الدراسة التي أجراها سليتر العلاقة بين الإبداع بمكوناته الثلاثة ( الطلاقة ، المرونة الأصالة ) و الذكاء حيث أظهرت النتائج أن العلاقة بين الإبداع بمكوناته الثلاثة والذكاء غير اللفظي غير دالة إحصائيا كما أكد ذلك شيمنز .
ويعتقد والش وكوجان أن الإبداع يرتبط بأنواع عديدة من الجوانب الذهنية والتي تختلف عن الذكاء العام ، ويؤكد الباحثان اختلاف الإبداع عن الذكاء، إلا أن الإبداع يحتاج إلى القدرات الذهنية ، ويصعب تفسير أن أي نوع منها يمكن أن يكون بعيدا عن الذكاء بمفهومه العام .
وأخيرا فإنه يبدو أن هناك إجماعا بين الباحثين والدارسين في هذا المجال بأن الإبداع لا يتطلب درجة معينة من الذكاء ، إلا أن الذكاء عامل هام في حفز الإبداع وتنميته ، ويرى آخرون أنه يوجد عتبة على الأقل من الذكاء حتى يدخل الشخص إلى الإبداع .
للدكتور عدنان يوسف
الدكتور عبد الناصر ذياب
الدكتور موفق بشارة