ولعلّه طويل نوعاً ما .. ولكنّه شيّق ومفيد ..
وإنْ كان يخاطب فئة خاصة من المعلمين ( وهم معلمي المعاقين ) .. إلاّ أنّ جلّ ما فيه ينفع كل الكادر التعليمي على اختلاف مهامه و مستوى طلابه وفئاتهم المختلفة …
*********************************
فن…ذوق…أخلاق
((فرحت لحصولي على وظيفة معلمة مصادر في مركز المعاقين، استعديت وسعدت جدا لأنني سأبدأ دوامي الرسمي كمعلمة ومربية أجيال، كيف لا أسعد وقد عشقت هذه المهنة منذ أمد بعيد، وكنت أتمنى أن أصير معلمة قريبة من المعاقين، تعلمهم وتربيهم وتنشئهم لبناء المجتمع، انطلقت في سيارتي إلى المركز، هناك استقبلتني المديرة بصدارة رحب، وأعطتني بشكل عام معلومات عن مهنتي وعن واجباتي التي سأقوم بها، تحمست أكثر وأحسست بأن الموضوع فيه نوع من المغامرة، استلمت الجدول، وبدأت التدريس، وجدت الموضوع سهلات في البداية، ولكن الوضع زاد صعوبة يوما بعد الآخر، وزادت المشقة في عملي كثيرا، حتى اكتشفت أنني في دوامة كبيرة، وفي صراع كبير مع المجال الذي أوجدت نفسي فيه))..
كم من معلم أو معلمة جدد اشتكوا من هذا الحال؟ وكم من مدرس أو مدرسة وجدوا التدريس عمل صعب وشاق؟
لابد من أن عددهم كبير، ومن أنهم كثر من حولنا ولكنهم قد لا يبوحون لمن حولهم، خوفا من الكشف عن نقاب ضعفهم وصعوباتهم، ولكنني اليوم وفي هذا المقام أحببت أن أبدأ بنفسي، وأن أعرض تجربتي التي ذكرتها في أعلى مقدمتي، فقد بدأت عملي بسعادة كبيرة بالحصول على هذه الوظيفة العظيمة، ومن ثم واجهتني الصعوبات، وتفاقمت المهام، وضاقت علي الأرض بما رحبت، ولكن ومع هذا كله هل نستسلم عزيزي القارىء لها؟ هل نسلم أنفسنا لتلك المشاق ونجلس فقط ننظر إلى حالنا ونبكي على الأطلال؟ لا، فنحن قوم لا توسط عندنا، لنا الصدر دون العالمين أو القبر،، إذا كيف نقاومها؟ وكيف نبددها ونتخلص منها؟
الإجابة وبكل بساطة تكمن في أنه يتوجب علينا أن ندرك بأن مهنة التدريس مهنة ليست كغيرها من المهن، إذ أنها تعتبر من المهن الشاقة بالدرجة الرابعة مقارنة بالمهن الأخرى، فبالتالي نستنتج بأن هذه المهنة بحاجة إلى صبرنا أولا، وتقبلنا لأبنائنا المعاقين ثانيا، وتفهمنا لوضعهم بأن لهم قدرات مختلفة لا يمكن مقارنة فهمهم وإدراكهم بالأطفال العاديين، لذلك هم بحاجة إلى صبرنا، وبعد كل النقاط التي ذكرتها نأتي إلى أساليبنا في التدريس ثالثا، وأتوجه إليك أيها المعلم وأيتها المعلمة بأسئلة مهمة في هذا الصميم:
هل استخدمتهم استراتيجيات واضحة المعالم في تعاملكم مع الطلاب؟ هل حرصتم كل الحرص على النزول إلى مستواهم الإدراكي والمعرفي وحرصتم على مد يد العون لهم والنهوض بهم إلى أفضل حال؟ وفي حالة وجود مجموعة المشاغبين في الصف هل أحسنتم عقابهم بكل عقلانية وابتعدتم كل البعد عن ما يثور بهم ويغيظهم ويقلل من شقاوتهم؟
كانت تلك تساؤلاتي، التي إن أجبنا عليها لوجدنا أن تعليم الأبناء المعاقين مهنة ممتعة سلسة جميلة، فقد قيل قديما بأن مهنة التدريس بحاجة إلى صبر أبي بكر الصديق، وقوة عمر بن الخطاب، وحكمة محمد صلى الله عليه وسلم، وصدقوني زملائي لو كلنا جلسنا وتفكرنا وتأملنا، لوجدنا بأن مهنتنا لا تتطلب منا إلا أسلوباً راقياً وفناً في تعاملنا مع طلابنا، وذوقاً في تصرفاتنا، وأخلاقاً مهنية في تعلميهم وتأهيلهم ورعايتهم، وقبل كل ذلك نحن بحاجة إلى إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، والصبر على هذه المهنة، وتقديم ما يمكن تقديمه لهم لأن مهنتنا نحن يا قرائي مهنة جليلة الكل يحسدنا عليها لأننا نستفيد ونفيد ونتقن من ورائها أشياء كثيرة كلغة الإشارة في تعاملنا مع الصم، ولغة برايل في تعاملنا مع المكفوفين وغيرها من المهارات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، ناهيكم عن كل ما ذكرته أننا من وراء هذه المهنة نكسب أجرين: أجر عظيم من الله سبحانه وتعالى، وأجر راتبنا الشهري الذي يسري في حساباتنا الخاصة، إذن،، ماذا تنتظر عزيزي المعلم بعد كل ذلك؟ شمر عن ساعديك واستعد للتغيير إلى الأفضل، لا تقل سأفكر، وقد أبدأ غدا أو بعد غد، لا بل ابدأ من اليوم لتقديم العطاء، ولا تستسلم للآلام، وابدأ بالسير من جديد على أقدام الهمة والصبر وتقديم الأفضل، واعلم بأنك إنسان عظيم يفخر له الجبين، ولا بد بما أنك كذلك أن تساهم في نهضة أبنائك المعاقين، والارتقاء بواقع حالهم، والاستعداد لمساعدتهم بقدر المستطاع، فهم أبناؤنا وفلذة أكبادنا، ويجب أن نحرص كل الحرص على التفاني والإخلاص في عملنا معهم.
وليس كل معلم مؤهلا للقيام بها,,,
هذه حقيقة يجب ألا نغفل عنعها
انها مهنة الأنبياء..
شكرا لك على هذا النقل وخاصة في هذا الوقت الذي نحتاج ان نشحذ فيه الهمم لبداية جديدة..
وتدارك اخطاء قد وقعنا فيها العام الماضي ..