والنمو ، وكل من له صلة وثيقة بالنظام المعرفي (الذهني ) للفرد المتعلم .
وقد تباينت وجهات النظر عند الباحثين في مجال علم النفس التربوي حول التعريف العام للإبداع ، فمنهم من يفسره على أسس معرفية (العمليات الذهنية ووظائف الدماغ وأثرها في حدوث الإبداع ) وآخرون يفسرونه على أسس سلوكية ( أساليب التعزيز وأثرها في إظهار النواتج الإبداعية ) وغيرها من الأسس والمداخل التي انطلقت منها نظريات الإبداع ، والتي بدورها تعيننا على فهم عملية الإبداع .
وقد ركزت التعريفات الواردة في البحوث والدراسات ذات الصلة على أربعة محاور :
1) العملية الإبداعية (process) ومراحلها وأنماط التفكير ومعالجة المعلومات ، وعليه فإن الإبداع هو عملية تجميع عدة عناصر أو مكونات في بناء جديد يحقق منفعة أو حاجة معينة ، وكلما كانت الترابطات للعناصر الأساسية للمشكلة اكبر فإن الفرد يتمكن من الوصول إلى حل إبداعي اكبر ، فالشخص المبدع هو الذي يستطيع تكوين عددا كبيرا من الروابط اللفظية وغير اللفظية للأفكار(gafroncose ,1979) .
2) الشخص المبدع ( person ) بخصائصه المعرفية والتطورية ، وعليه فإن الإبداع هو المبادأة التي يبديها الفرد المتعلم في قدرته على الخروج من النمط التفكيري العادي ، وإتباع نمط جديد من التفكير ، كما أنه تفكير في نسق يتميز الإنتاج فيه بخاصية فريدة هي تنوع الإجابات المنتجة ، والتي لاتحددها المعلومات المعطاة (aggrawal,1994).
3) النتاج الإبداعي (product)أي أن الإبداع هو ظهور لإنتاج جديد من خلال التفاعل بين الفرد وما يواجهه من خبرات ، وهذا يوصله إلى صورة جديدة (clark,1988)
4) المناخ الإبداعي (press) ويقصد به مجموعة الظروف والمواقف المختلفة التي توفرها البيئة للفرد التعلم ، والتي تسهل الأداء الإبداعي لديه ( جروان ، 2024 ).
ومهما يكن فإن معظم التعريفات المنشورة في الأدبيات التربوية حول الإبداع تحتوي على عنصرين هما:
1) السلوك الجديد والأصيل وهو السلوك الذي لم يتعلم من قبل .
2) النواتج المقبولة والنتيجة وهو حل المشكلة بأسلوب فعال .
وظهرت تعريفات متعددة للإبداع ، ومنها ما أورده تورانس من أن الإبداع هو عملية يصبح فيها الفرد المتعلم حساسا للمشكلات، ويواجه النقص والثغرات في المعلومات والعناصر المفقودة (فجوات المعرفة) ، فيحددها ويبحث عن الحلول ، ويقوم بالتخمينات ، وصوغ الفرضيات ويعيد اختيارها بالصيغة النهائية .
وهناك من ينظر إلى الإبداع على أنه استعداد ذهني لدى الفرد ، هيأته بيئته لأن ينتج شيئا جديدا غير معروف سلفا كتلبية متطلبات الواقع الاجتماعي ، وليس بالضرورة أن يقود دائما إلى إنتاج شيء يمكن ملاحظته بالنظر كأفكار الفرد مثلا ( هرمز وإبراهيم 1988).
ويعرفه كورت بأنه القدرة على إنتاج الأفكار الأصيلة والحلول باستخدام التخيلات والتصورات ، مثلما يشير إلى القدرة على اكتشاف ما هو جديد ، وإعطاء المعاني للأفكار .
وتؤكد هذه الفكرة السرور(2017) فهي تفهم الإبداع على أنه القدرة على إيجاد وتطوير ارتباطات وعلاقات غير متوقعة ، وتطوير معاني جديدة .
أما كيركا وألبرت فيفهما الإبداع على أنه مجموعة من المهارات والقدرات المعقدة ، والتي تتضمن القدرة على العمل باستقلالية وفضولية ، والتفكير غير التقليدي ، والانفتاح على الخبرة الجديدة .
وأخيرا :
إن الإبداع ظاهرة معقدة متعددة الوجوه أكثر من كونها مفهوما نظريا محدد التعريف ،
والإبداع هو الوحدة المتكاملة لمجموعة العوامل الذاتية والموضوعية التي تقود إلى تحقيق إنتاج جديد وأصيل وذي قيمة من قبل الفرد أو الجماعة ، كما أنه النشاط أو العملية الذهنية التي تقود إلى إنتاج يتصف بالجدة والأصالة والقيمة .
الدكتور عبد الناصر ذياب
الدكتور موفق بشارة