أبوظبي – شيرين الشامسي:
تستعد المطبة التابعة لمؤسسة زايد العليا للرعاية الانسانية وذوي الاحتياجات الخاصة وشؤون القصر لطباعة المناهج الدراسية للمكفوفين لمختلف المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية للعام الدراسي 2024 ،2017 وقالت ناعمة المنصوري عضو مجلس ادارة الموسسة ان كل الطلاب والمدرسين المكفوفين في مراكز المعاقين والمدارس النظامية سيستفيدون من هذه العملية التي تشمل 3500 كتاب، كما سيتم ادخال تعديلات على المناهج بشكل يواكب فيه التطور المستمر في المناهج الدراسية ما يساعد الطلاب المكفوفين على متابعة كل ما هو جديد لإكمال دراستهم ليتمكنوا من التعلم وتحصيل المعارف والمعلومات والتواصل مع المجتمع الخارجي.
وأكدت ان هناك تعاوناً مع عدد من مؤسسات التعليم العالي ومنها جامعة الإمارات في طباعة عدد من الكتب الدراسية لطلبة الجامعة المكفوفين بطريقة برايل لمساعدتهم في دراستهم، موضحة أنه تتم طباعة منهج الرياضيات بطريقة برايل للصفين الأول والثاني والثالث الابتدائي وهي خدمة جديدة تقوم بها المطبعة بجانب طباعو المناهج الدراسية العامة والخاصة بطريقة برايل مع السعي في تحسين وتوسيع الخدمات في هذا المجال.
نادي الثقة يصقل مواهب ذوي الحاجات الخاصة
يلجأ ذوو الحاجات الخاصة للعزلة والانطواء ما يؤثر سلباً على سلوكهم، لأن شعورهم بالعجز يزداد تلقائياً إلا أن البعض استطاع التغلب على عجزه وإثبات قدرته بمجالات عدة لم ينجح فيها حتى الأسوياء إلا قلة منهم والذين يمتلكون الموهبة أصلاً.
إن ذوي الحاجات الخاصة الذين تحدوا عجزهم، واستطاعوا القضاء على نظرة الناس إليهم وحطموا أسوار العزلة والخوف وشقوا طريقهم بنجاح هم الرياضيون الذين ظهروا للعالم أيام الحرب العالمية الثانية عن طريق الدكتور لوديج جوثمان بهدف إعادة التوازن لهم، وانتشر هذا النوع من الرياضات في أوروبا وأميركا منذ ذلك الحين، وبعدها انتقل للبلاد العربية، وأول دولة خليجية اهتمت بهذه الرياضة هي الكويت وبعدها البحرين وفي عام 1987 بدأت في الإمارات، ورغم أنها بدأت بعد هذه الدول لكنها تجاوزتها بتحقيق النجاحات العربية والعالمية وصنع هؤلاء مكانة وبصمة لبلدهم ورفعوا علمها في بطولات عدة عربية وعالمية.
وللحديث أكثر عن هذه الرياضة وانجازات لاعبيهما التقت »البيان« مدرب نادي الثقة للمعوقين الجزائري بعلم بوزار والذي يدرب فيه منذ 12 عاماً.
وقال كنت مدرب المنتخب الجزائري للأسوياء ومن ثم انتقلت إلى دبي بهدف تدريب نادي الوصل، وفي عام 1995 طلب مني نادي الثقة أن أدرب هذه الفئة. في البداية استصعبت الأمر، لأنه لم تكن لدي أدنى فكرة عن هذه الفئة خصوصاً أني عملت بمجال تدريب الأسوياء 15 عاماً وكنت أظن أن المعاق هو معاق الكرسي وغير قادر على الحركة ولا يمتلك القوة.
البداية
لكن بعد زيارتي النادي أحببت خوض هذه التجربة وبدأت بتدريب عدد منهم في النادي القديم ولم يكن لدينا ملاعب فكنا نتدرب في الشارع وفي حديقة المطار وكان كل منا يأتي بسيارته وبعدها وفر لنا نادي الشارقة يومين في الأسبوع للاستفادة من ملاعبه، وأول بطولة شارك فيها النادي كانت بعد سنة من بدء التدريب في أتلانتا 1996 وتأهل فيها لاعبونا إلى الدور النهائي لرياضة الكراسي وحصلوا على عدد من الميداليات الفضية والبرونزية.
كما تأهل اللاعب عبيد محمد الحربي للدور النهائي عن ألعاب القوى، وبدأنا بعدها بتحضير أنفسنا لبطولة كأس العالم في برمنغهام عام 1998 الذي حصل فيها اللاعب محمد زعل وعبيد الحربي على الميدالية البرونزية، واشتركنا بعدها في عام 2024 في بطولة سيدني وحققنا نتائج رائعة، وفي عام 2024 اشتركنا للمرة الأولى في بطولة العالم للصالات المغلقة والذي توج فيها اللاعب علي قمبر بطلا للعالم عن الجري مسافة 400 متر، كما حصل علي على الميدالية البرونزية وعبيد على الفضية في البطولة نفسها لرمي رمح.
وعن الصعوبات التي واجهته في التدريب قال: في البداية واجهت صعوبة في تدريب الشباب على ألعاب القوى، لأن هذا النوع من الرياضات، الاعتماد الأكبر فيه يكون على اللاعب نفسه، لأنه يتدرب ويتعب لوحده، لذا كان علي أن أحبب اللاعب في اللعبة وأزرع في نفسه الثقة بقدرته وقوته، لكني استطعت تخطي الصعوبة وإيجاد لغة مشتركة بيني وبين المتدربين خصوصاً بعد النجاحات التي حققوها وذاقوا حلاوة الفوز، فأصبحت آتي إلى الملعب وأجد الجميع منتظرين بدء التدريب.
أما عن الفرق بين تدريب الأسوياء والفئات الخاصة قال بعلم: لا يوجد فرق خصوصاً إذ استطاع المدرب خلق لغة مشتركة، وأنا رغم العروض المقدمة لي للعودة إلى تدريب الأسوياء لا أفكر بترك هذه الفئة وأنا مرتاح جداً معهم.
وأضاف بعلم في نهاية حديثه أن التطوير مازال مستمراً للمتدربين كما تمنى تفريغ الأبطال لمضاعفة ساعات التدريب، خاصة في الأوقات الصباحية، وذلك ليتمكنوا من استغلال قدراتهم الجسمية كاملة وتطويرها وإلا سيبقون في مكانهم خصوصاً، أنهم مقبلون الآن على بطولة بكين وهي من أكبر البطولات وسيشارك فيها عدد كبير جدا من أبطال الصين وإذا بقي التدريب على ما هو عليه لن يستطيع أحد منهم تحصيل أي من المراتب الأولى.
كما التقت »البيان« اللاعب عبيد محمد سيف الحربي لاعب ومساعد المدرب ويبلغ من العمر 31 سنة وإعاقته عبارة عن بتر أو نقص نمو باليدين منذ الولادة والذي قال: أعمل فنيا جغرافيا ورساما هندسيا في بلدية دبي وعضوا في نادي الثقة منذ عام 1994 وكنت قبل ذلك عضواً مشاركاً في نادي الإمارات وسمعت عن نادي الثقة وزرته رغم ترددي في بداية الأمر.
لكن عند زيارتي الأولى للنادي شعرت أن انتمائي له وإلى هذه الفئة من الأشخاص وأنني سأبدع هنا أكثر، لأني سأنضم إلى أشخاص مثلي لا فرق بيني وبينهم في القوة والقدرة لذا ستكون المنافسة أفضل لوضعي بالإضافة إلى أني في نادي الإمارات كنت مجرد مشارك ولست منافساً أو لاعباً رئيسياً في الفريق، فقررت الالتحاق في النادي خصوصاً أن رياضة المعاقين تطورت ولم تعد مجرد هواية أو وسيلة للتسلية وإضاعة الوقت، بل أصبحت احترافاً ومنافسة ولها بطولات عالمية خاصة بها، فإذا لم يعتمد المعاق برنامجاً خاصاً وتدريباً قوياً لن يستطيع تحصيل شيء بين هذا العدد الهائل للمنافسين من جميع دول العالم.
وبالفعل أضاف لي النادي الرغبة لتطوير موهبة ألعاب الأقوى لدي وشجعني وزاد ثقتي بنفسي وجعل مني بطلاً عربياً وعالمياً من خلال حصولي على عدد كبير من الميداليات أثناء البطولات العربية والدولية، ومن البطولات التي أعتز بالمشاركة بها، بطولة أتلانتا، لأنها أول مشاركة لي فأنا لا استطيع وصف شعوري عندما بلغت في تأهيلي ولن أنسى فرحتي ذلك اليوم عندما حصلت على الميدالية البرونزية كما أفتخر بمشاركتي في بطولة العالم داخل الصالة وحصولي على المرتب الثاني والميدالية الفضية.
وأحسست أن مشاق التدريب لم تهدر سدى، إذ إن التدريب في الأسبوع الأول يكون عبارة عن لياقة عامة وإحماء خصوصاً بعد الانقطاع بعد فترة عن التدريب أو العودة من إجازة والأسبوع الثاني والثالث رفع الحديد والأثقال ومن ثم ألعاب المضمار والذي تكون فيه السرعة وقوة ودرجة السيطرة محددة وكل مسافة لها تمرين خاص بها ليحقق اللاعب نتائج أفضل.
وعن النادي قال عبيد إنه قدم له الكثير من الدعم المادي والمعنوي والاستقرار النفسي كما أنه عرفه بالعالم وعرف العالم به وأعطاه الفرصة ليرفع علم بلاده عالياً في بطولات عدة، كما أن النادي طور قدراته بنسبة 100%.
أما عن المشكلات التي واجهها عبيد في حياته الاجتماعية قال: إن نظرة الناس والأقارب كانت أصعب شيء لأنني كنت أشعر فيها بشفقة واسمع فيها كلمات تثير غضبي مثل حرام ومسكين، لكنني تجاوزت هذا النظرة واختلطت بالمجتمع وحاولت إثبات نفسي ودرست في المدارس العامة وأنهيت دراستي الثانوية واستطعت عمل كل شيء يستطيع أي إنسان سوي القيام به، وبعدها تزوجت من فتاة سليمة وأنجبت أربعة أطفال منها ولم أواجه أي مشكلات بعلاقتي الزوجية، والذي ساعدني أكثر على تخطي نظرة المجتمع فيما بعد والتغلب على إعاقتي التركيز الإعلامي على الإنجازات التي حققتها والبطولات التي حصلت عليها.
وفي الإطار نفسه التقت »البيان« اللاعب علي قمبر البالغ من العمر 28 سنة مصاب بالشلل الدماغي ويعمل في الأمانة العامة للأوقاف والذي قال: سجلت في النادي مع المدرب بعلم منذ عام 1995 واشتركت في بطولات عدة لألعاب القوة ولم أخسر أي بطولة سوى واحدة وهي بطولة أتلانتا فلم أحصل على أي ميدالية، لكن بعدها لم أخسر أي بطولة وكنت دائماً أحصل على واحد من المراكز الثلاثة الأولى ومنها بطولة سنة 1997 حصلت خلالها على ميداليتين ذهبية وفضية وفي 2024 كنت بطل العالم للجري لمسافة 400 متر وهذا الصيف أحرزت المركز الأول في بطولة هولندا وأخذت الميدالية الذهبية.
وأضاف أن إحساسه لا يوصف عندما كان يحصل على ميدالية إذ إنه يشعر بالتفوق ويحاول دائماً دعم زملائه للمثابرة والوصول إلى ما وصل إليه، لأن طعم النجاح والتفوق رائع.
وقال قمبر إنه لم يكمل دراسته واتجه إلى مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية للتدرب في مركز التأهيل وتعلم مهنة النجارة رغم أنه لم يواجه صعوبات في حياته الاجتماعية ووجد الدعم والتشجيع من الجميع، وتزوج من فتاة سوية وعنده طفل ولا توجد لديه أية صعوبة في التعامل مع الأهل والأصدقاء، لأنهم لا يفرقون بينه وبينهم، لدرجة أنه يشعر الآن بالتفوق على كثير من الأشخاص بعد النجاحات التي حققها والشهرة الذي منحتنه إياها هذه المشاركات والبطولات فأصبح معروفاً لعدد كبير من الناس.
وعن طبيعة التدريب قال قمبر: أفضل شيء أن مدربنا من الأشخاص الأسوياء وكان يدربهم أصلاً قبل أن يبدأ معنا، لذا فهو يتعامل معنا بشكل طبيعي ويدربنا كما لو أننا أسوياء ولا نعاني من شيء أو عجز معين، فعندما يطلب منا تدريبا معينا يلزمنا بانجازه ويعاقبنا في حال عدم تنفيذه. وفي نهاية حديثنا مع البطلين عبيد وعلي تمنيا أن يكملا دراستهما والاشتراك في البطولة الأولمبية وتفريغهما من العمل في موسم البطولات.
وعن الصعوبات التي تواجهها إدارة نادي الثقة في التعامل مع عبيد وعلي قال مدحت حجازي مسؤول التنسيق الإعلامي في النادي: لا توجد أي مشكلات مع عبيد بالإضافة إلى أن إعاقته سهلة وهو من أقوى العناصر المشاركة في المسابقات، أما علي فهو حساس جداً والتعامل معه يجب أن يكون بحذر فنحن لا نحاول التأثير عليه ونوفر له كل ما يطلبه.
أضاف حجازي أن النادي يقدم مساعداته لجميع أعضائه وتتمثل في التأهيل الرياضي والاجتماعي، ويحاول أن يوفر لهما مساعدات مادية عن طريق اللجنة الاجتماعية التي تجمع تبرعاتها من حكومة الشارقة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ومن الجمعيات، كما يساعدهم النادي في الزواج وتعلم قيادة السيارات والحمد لله، كل الأعضاء المنتسبين للنادي حصلوا على شهادة القيادة.
كتبت ـــــ سمانا النصيرات