آه.. كمْ أتمنى أن أبقى هكذا؛ لأنني أملكُ أفكاراً كثيرةً أتمنى أن يستفيدَ منها أصدقائي في كلِ مكانٍ، و تستهويهم قصصي البسيطةَ كما استهواني صديقي المبدعُ حمدانَ الذي أصبحت أناملهُ الصغيرةَ مضربَ المثَلِ في الإبداعِ، وحركتُهِ السريعةَ مثالاً للنشاطِ والحيويةِ، عيناهُ السوداوانِ كانتا تتوقدانِ ذكاءً وإبداعاً، تتحركُ في كلِ الاتجاهاتِ، لتتوقفَ فجأةً بانشدادٍٍ إلى قارورةَ ماءٍ فارغةٍ، أو علبةَ عصيرٍ ملقاةٍ على الأرضِ رماها أحدُ المستهترينَ بالنظافةِ العامةِ، كانَ يركضُ إليها بسرعةٍ؛ ليلتقطها ويضعها في كيسٍ أبيضٍ صغيرٍ يحملهُ بينَ يديهِ الصغيرتينِ في معظمِ الأوقاتِ .
حيثُ كانَ يخبئهُ فيما بعد في مكانٍ ما خلفَ الفصولِ، وهكذا كلَ يومٍ، حيثُ أصبحَ لا ينجو من بعضِ التعليقاتِ السخيفةِ من الطلابِ الذينَ لايفهمونَ المعنى الحقيقي لما يفعلهُ حمدانٌ.
اسْتوقفتهُ ذاتَ صباحٍ لأسألهُ،
– السلامُ عليكَ يا حمدانُ :؟
– وعليكمُ السلامُ يا صديقي عمر.
– بالأمسِ شاهدتكَ تتشاجرُ مع أحدهم.
– نعم إنهُ زميلنا سعيدٌ.
– ما السببُ؟
– لقد استفزني سعيدٌ بالأمسِ حيثُ حاولَ السخريةَ مني.
– وكيفْ ؟
– لقد ناداني أمامَ الجميعِ قائلاً :
تعالَ يا عاملَ النظافةِ، هناكَ أوراقٌ مرميةٌ على الأرضِ، ألا تريدها ؟
– غضبتُ من أسلوبهِ وحصلَ ما حصلْ.
– سامحهُ الله.
– لم يفهمَ يا عمر أيَ معنىً لما أفعلهُ، لكنني وعدتهُ أنْ أفاجئَ الجميعَ بما سأصنعُ.
– وماذا ستصنعْ؟؟!
لم يجب حمدانُ وبدا شارد الذهن واللبِّ
آه.. لقد بدأتُ أفهمُ ماذا قصدَ حمدانٌ من كلامهِ ومن طريقةِ اهتمامهِ بجمعِ تلكَ النفاياتِ المهملةِ.
وبدأتُ أتساءلْ ؟
كمْ من مرةٍ حظيَّ حمدانُ بثناءِ المعلماتِ المناوباتِ؛ لحرصهِ الشديدْ على نظافةِ الساحةِ، وكمْ من مرةٍ كُرِمَ في طابورِ الصباحِ على أنهُ أنظفُ طالبٍ .
والآن عرفت .. ما سببَ اندفاعِ حمدانْ للانضمامِ إلى مسابقةِ الفنِ الإبداعي للأطفالِ التي أُعلنَ عنها منذُ أيامٍ في طابورِ الصباحِ ؟!
نعم . لقدْ عرفتُ بأنَ حمدانَ إنسانٌ مبدعٌ ومبتكرٌ ولستُ أنا فقط من توصلَ إلى ذلكَ، لقد كانَ حمدان في حجرةِ التربيةِ الفنيةِ غارقاً في العملِ، ويداهُ تملؤهما الألوانُ المختلفة وكثيراً ما كنت ُأراهُ يتناولُ ما يجمعهُ من أشياءٍ لتدورَ بينَ يديهِ، وتساعدهُ على ابتكارِ الأشياءِ، لقد انتهى اليومُ المحددْ لتقديمِ الأعمالِ إلى لجنةِ التحكيمِ، وغداً ستعلنُ نتائجَ تقييمِ المسابقةِ، وسيتمُ عرضَ أعمالِ الطلابِ الموهوبينَ في معرضٍ خاصٍ داخلَ المدرسةِ.
– يا الله ما هذا؟!
– نفسُ العبواتِ والقاروراتِ ولكن!!!…. ولكن !!!……
بمظهرٍ جديدٍ، ماذا أرى؟! أشكالاً متنوعةً من الإبداعاتِ، ألواناً مزركشةً، فعلبِ المحارمِ الفارغةِ أصبحتْ حصالاتٌ رائعةٌ، الألعابُ القديمةُ عادتْ أجملَ من قبل، الأصدافُ المرميةُ على شاطئِ البحرِ تحولتْ إلى ثرياتٍ فاخرةٍ.
– سلمت يداكَ ،يا حمدان على هذا الإنجازِ، أنتَ تستحقُ التكريم من الجميعِ.
– شكراً يا صديقي عمرْ.
ألم أقلْ لكَ بأنني سأفاجئْ الجميع.
حصلَ حمدانُ على جائزةِ الفنِ الإبداعيِّ على مستوى المنطقة بجدارة، وتمَ تكريمهُ منْ قِبلِ إدارةِ المدرسةِ والمنطقةِ بتصفيقٍ شديدٍ، ارتسمتْ على محياه ابتسامةً هادئةً تعبرُ عن فرحتهِ العامرةَ بهذا النصرِ العظيمِ في تحقيقِ أمنيتهِ في المحافظة على البيئةِ وتنميةِ موهبتهِ بجهودٍ ذاتيةٍ وطموحٍ عالٍ للوصولِ إلى التمّيزٍ والإبداع
لقدْ أحبَ حمدانُ وطنهِ وقائدهِ وبيئتهِ، وأجادَ في التعبيرِ عن وفائهِ لهم وفي لقاءٍ معهُ في مجلةٍ شهريةٍ تصدرُ عن إدارةِ المدرسةِ، عندما سُئلَ عن مدى استفادتهِ من هذهِ التجربةِ؟
أجابَ قائلاً:
– لقد أعطانا اللهُ العقلَ لنتميزَ بهِ عن سائرِ الكائناتِ، وفضلنا على سائرِ المخلوقاتِ، أفلا نخجلُ من ذلكَ العصفورِ الذي يقومُ بتنظيفِ البيئةِ من خلالِ جمعِ القشِ الملقى على الأرضِ ليصنعَ بهِ عشاً جميلاً لصغارهِ، ألا نخجلُ نحنُ البشرْ ، ونستفيدُ منَ العبرْ.
– شكراً لكَ يا حمدانُ المبدعْ على ماتعلمناهُ منكَ منْ قيمٍ.
تأليف : عمر أحمد محمود الجرعتلي / مدرسة أم القرى الخاصة للتعليم الأساسي الصف السادس
ويشرفني اكون أول المشاركين في موضوعك
بس حبيت أعرف منك شخصيا كيف صرت مؤلف وكاتب ؟؟؟
و ما هي هواياتك ؟؟؟؟