إِنَّ تزكيةَ النَّفسِ هي سِمةٌ أساسيةٌ بَارِزةٌ في بِناءِ شخصيةِ المعلم ونعني بها تنقيةُ الروحِ و السمو بِها عن كلِ ما من شأنه أنْ يشوبها أو يعكرَ صفوها ؛ و ذلكَ حفاظاً على كينونتها و سجِيَتَهَا التي جُبِلتْ عليها ..
و بالنظرِ لمفهوم التعليم ، فإننا ندركُ بأنه نقل معوماتٍ وخبراتٍ و عقائدَ و حقائقَ إلى محورِ العمليةِ التعليميةِ ؛ ليترجموها في سلوكهم و سَائرِ حياتهم إلى واقعٍ ملموسٍ ..
وَ أُورِدُ في ثنايا هذهِ الصفحاتِ بعضاً من خِصالِ المعلمِ والتي هي على سبيل العدّ ِلا على سبيل الحصرِ .
ــ فهم طبيعة النّفوس وسَبْرِ أَغْوارها ؛ ليتكمن المعلمُ من التعامل الإيجابي معها ، فَيتَسنّى لهُ الغِرَاسَ في أَرْضٍ خِصبةٍ .
ــ الفَراسةُ و الفِطنة ، فالدّارِسونَ ْ أَنْماطٌ مختلفةٌ و قدراتٌ و استعدادات و مُيولٌ شتَّى ، تختَلفُ من فردٍ لآخرَ .
ــ الإخلاصُ للهِ تعالى في النوايا و الهدف و التفكير و السلوكِ ، لا يقْصُدُ من ورائهِ غرضاً دنيوياً …
ــ القدوةُ الحسنةُ في الخُلقِ و التَّقْوى و التَّصرف ؛ لأنّ المعلم بِمثابةِ النِّبْراسِ الذي يُحْتَذى بِهِ .
ــ الحِنْكةُ و الأناةُ في حُسْنِ التّصرفِ و اتخاذِ القراراتِ الصائبةِ في المواقفِ التي تعترضُ مجرى الحياةِ .
ــ الاعتناءُ بالمظهرِ العامِ في الهيئةِ والملبسِ والسلوكِ ..
ــ الرِفْقُ والحُلمُ و الشّفقةُ و حُسْن المعاملة .
ــ التحلي بالكلمةِ الطيبةِ و التي هي مفتاح للقلوب و أسرٌ للنُّفوسِ .
ــ الحث على حسن الروابطِ والوشائجِ الطيبةِ بين الطلبةِ .
ــ بِناءُ جُسور منْ أَواصرَ الوِدِّ بينَ الطلبةِ بِمشاركتهم في أَفراحِهم و أتْرَاحهم ، فكم منْ لَفْتةٍ طيبةٍ غيرتْ مجرى النفوسِ و وطدتِ العلاقاتِ و أَسفرتْ عنْ نجَاحٍ بعدَ إخفاقٍ ..
ــ الرَّزانةُ في اخْتِيارِ الألفاظِ و انتقاء ما قلَّ و دَلَّ في المعاملةِ .
ــ العلمُ بِعلوم الشريعةِ والسنةِ و السَّير و سائرِ أُمورِ الدينِ ، فمعلم التربية الإسلاميةِ يُعدُّ بِمثابةِ المُفْتي للأمورِ و المسائلِ الشرعِيةِ و الذي يُحتمُ عليهِ أَنْ يكونَ عِنْدَ حُسنِ الظنِّ فهوَ الوِجْهةُ الشَّرْعيةُ لِطلابهِ و المحيطين بهِ ..
ــ سِعةُ الإطلاعِ و الإكثارُ منَ القِراءةِ في كُتبِ الأدبِ و الأخلاقِ و المعارفِ و الحِرْصُ على تحصيل ما هو جَديدٌ و مُفيدٌ فيُثْري عَقله و قلبهُ و مَدَارِكهُ ،فَي ُعَمقُ نظْرَتَهُ للأُمُورِ .
ــ التَّواضعُ و عدم التعصب للآراءِ والمذاهب ..
ــ البُعْدُ عن سَفاسِفُ الأمور و كل ما مِنْ شأنهِ أنْ يَقْدحَ في النَّزاهةِ .
ــ توطيدِ العلاقةِ بينِ زملاءِ المهنةِ و الهيئةِ المدرسيةِ و حسن التعامل مع أولياءِ الأمورِ ..
ــ الصَّبر : فلا شكَّ أَنَّ مهنةَ المعلم شاقةٌ ؛ لأن العلماءُ ورثةُ الأنبْياء و مهمتهم شاقةٌ في تحملِ أداء الأمانةِ وحملُ الرِّسالةِ و الذي يستدعي الصَّبْرَ الجلد على الجِسامِ ؛ لذا كان أَجْرُ الصبرِ عظيماً ، لقولهِ تعالى : ( إِنَّما يُوفى الصابرونَ أَجْرَهم بِغيرِ حِساب ) و قولهِ عليهِ الصّلاةُ و السَّلامُ : ( الصَّلاةُ نورٌ و الصَّدَقَةُ بُرهانٌ و الصَّبْرُ ضِياءٌ ) .
ــ الأمانةُ وهي خُلُقٌ عظيمٌ ، دعا إليهِ الإسْلامُ و رَغْبَ فيهِ و منَ الأمانةِ أَنْ يكونَ المعلم أَميناً في علمهِ و عملهِ ، فَيُعِدُّ دُروسهُ إعداداً سليماً ، كذلكَ أَميناً في نقلِ ذخائِرَ المعلوماتِ و قولِ الحقِّ ، لقولهِ تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُركم أَنْ تُؤدُوا الأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) .
ــ حبُّ المهنةِ و الولاءُ لها : و الذي ينبعُ مِنْ إيمانهِ بِرِسالتهِ التي يُؤدِيها لوجه الله تعالى فَيُخْلِصُ لها قولاً و عملاً .
و نَعني بِذلِكَ النّشاط الذي تُمارسهُ المؤسسات ا لتربويةِ المُنَاطِ بِها إعدادُ المعلمِ ، قبلَ الإنخراطِ في سِلكِ المهنةِ ، بتدريبهِ على إتقانِ مهاراتٍ و سلوكياتٍ عِدةٍ وصقلهِ ؛ ليكونَ قادِراً على مُمَارسِةِ هذهِ المهنةِ و إجادةِ التَّعاملِ مع فِطرة الطَّالبِ و تحملِ أَعباء المهنةِ ، فالمعلم هو قائدُ الموقفِ التعليمي و رُبانُ السفينةِ الذي يقودها لمرسى الأمانِ ..
أولاً : الإعدادُ الروحي و الخُلقي :
1 ــ التربيةُ الروحيةُ و الخُلقيةُ لمعلم التربية الإسلاميةِ :
تقوم على توثيقِ الصِّلةِ بينَ المرءِ وربهِ بالإيمانِ والتقوى و الصالحاتِ من النَّوايا و الأقوالِ الأفعالِ الطيبةِ و الذي بدورِهِ يَسْمو بالجانبِ الروحي مِمَّا يَحدو بهِ إلى المبادئ السَّاميةِ و الخِصالِ الحميدةِ ، و بذلكَ تتحققُ الغايةُ و الإربُ ، لقولهِ عليه الصلاة والسَّلام : ( إِنَّما بُعِثتُ لأُتَمِمَ مَكارِمَ الأخلاقِ ) .
1 ــ في طريقةِ التَّدريسِ :
مِمَّا لا شكَّ فيهِ أَنَّ طَرائقَ التدريسِ هِيَ إحدى ركائِز المنهجِ و لِذا نَجدُ القرآن ا لكريمِ قَدْ عُنِيَ بِطرائقِ التعليمِ المختلفةِ ، كضربِ المثلِ والقصصِ و الإشارةِ الضِّمنيةِ و القدوةِ و أسلوبِ الخِطاب المباشرِ و إعمالٍ للفِكرِ و إثارةٍ للقلبِ و استخلاصٍ للعبرِ و الترغيبِ والترهيبِ إلى غيرِ ها منَ الطرائقِ و الذي كان له بالِغُ الأثرِ في خُضوعِ قلوب العتاةِ الجبابرةِ و استمالةِ قلوب البسطاءِ مُخاطِباً الألبابَ و الأفئدةَ و الأرواحَ سامياً بالنَّفْسِ الإنسانِيةِ إلى معارجَ العلياءِ …
إنَّ ذلكَ الشَّخص الذي نَهجَ السبيلَ القويمَ و تَمسكَ بأُصولِ الشريعةِ من كِتابٍ و سنةٍ و تَأصلتْ روحه ِ بأهدابِ الفضيلة، لَهُوَ جَدِيرٌ بِأن يكونَ أَباً و مُرْشِداً و قُدوةً و مُربياً ، فتأصلتْ الوشائجُ بينهُ و بينَ المُتعلمينَ مِمَّا ينعَكِسُ إيجاباً على العمليةِ التعليميةِ و يُسْهِمُ في نَجاَحِها
إذا ما استشعر المرءُ عظمةُ الله تعالى و قدرتهِ بِقلبهِ وفكرهِ و روحهِ و سائرِ مداركهِ و حواسهِ ، فإنَّ فيضاً مِنَ الروحانيةِ يسري بينَ جوانحهِ ، فيغذيَ الفؤادَ و اللبَّ ، فتتَعَمقُ الصِّلةُ الدائِمةُ بينه وبينَ ربهِ جلَّ و علا ، فإذا ما رَنَا بِناظِرِهِ
في الآفاقِ و ملكوتهِ تعالى اكتنفهُ بديعُ خلقِ اللهِ ، فَرَسِخَ الإيمانُ بينَ جوانحهِ ، فيترجم الإيمانَ في واقعِ حياتهِ و بالتالي فإنَّ ما ينقلهُ مِنْ أَفكارٍ و معانٍ و كلماتٍ و إيحاءاتٍ و آراءٍ ،كلها تُنِمُّ عنْ وَرعٍ للهِ تعالى و أنَّ كلَّ ما في الكونِ آية ٌ تنطِقُ بِوحدانيةِ الله تعالى ..
يقصدُ بالإعداد الثقافي تزويد المعلم بحصيلةٍ معرفيةٍ شاملةٍ و عامةٍ عنِ الجوانبِ الأساسيةِ للنشاطاتِ البشريةِ و المعلومات الضروريةِ التي يتطلبها المَيْدان و تُسْهِمُ في إثراءِ المعلم والمتعلمِ ..
و يتضمنُ الإعدادُ الأكاديمي دراسة مجْمُوعة الموادِ التي سَيقُومُ المعلم بِتدريسها لطلابهِِ ، بالإضافةِ إلى ما يتلقاهُ
المعلم من الدوراتِ العلميةِ و العمليةِ و المؤتمراتِ و البحوث و الدِّراساتِ .
أَمَّا الإعدادُ التربوي فهو تزويد المعلم بِمهاراتٍ فنيةٍ و تعليميةٍ و بِأُصولِ مهنةِ التَّدريسِ ؛ حتى يكونَ مؤهلاً لِمزاولةِ
المهنةِ و تكونُ البرامِجُ المُعدةُ لِذلِكَ على أسَاسٍ عِلمي و موضوعي ، قَابلٍ للِقياسِ و التقويمِ .
من كتاب : مفهوم التربيةِ الإسلاميةِ
للدكتور : علي محمد القاسمي
فجزاك الله خير الجزاء
وأعتقد أنك بكلماتك هذه وفرت علينا جهدا مضاعفا في النصح لإخواني المعلمين وأخواتي المعلمات،
وأنت ولا شك معلمة متميزة، ذات حس أدبي، ورسالة سامية،
ولا شك كما قلت إن إعداد معلم التربية الإسلامية يحتاج إلى:
* الإعدادُ الأكاديمي بدراسة مجْمُوعة الموادِ التي سَيقُومُ المعلم بِتدريسها لطلابهِِ ، بالإضافةِ إلى ما يتلقاهُ
المعلم من الدوراتِ العلميةِ و العمليةِ و المؤتمراتِ و البحوث و الدِّراساتِ .
*وكذلك الإعدادُ التربوي بتزويد المعلم بِمهاراتٍ فنيةٍ و تعليميةٍ و بِأُصولِ مهنةِ التَّدريسِ ؛ حتى يكونَ مؤهلاً لِمزاولةِ المهنةِ و تكونُ البرامِجُ المُعدةُ لِذلِكَ على أسَاسٍ عِلمي و موضوعي ، قَابلٍ للِقياسِ و التقويمِ .
وفي النهاية لك شكري وتقديري واحترامي ، وفقنا الله وإياك إلى ما يحب ويرضى.
الأخ الكريم : محمد الطيار .
لكمُ الشُّكْرُ و التَّقْديرُ وَ العِرْفَانُ مِثْلما ذَكَرْتُمُ وَ أَغْدَقُ وَ أُرْدِفُ عَلَيهِ الدُّعاءُ لَكُمُ بأَنْ يَنْفعنا اللهُ وَ إِيَاكمُ وَ صَالِح المُؤمنينَ بِالعلمِ النَّافِعِ وَ العمَلِ الصَّالح .
و أنْ نَكُونَ مِمنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنةً ، فَلَهُ أَجْرَها وَ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها إلى يَوْم ِ القِيامَةِ لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهُم شَيئاً..
جَزاكُمُ المَولى حُسْن الجزاءِ دُنْيا وَ دِين ..