شعبة من الديدان ذات أجسام أسطوانية بشكل الخيطان أو الحبال، غير مقسمة إلى حلقات، لذلك تسمى أيضاً الديدان الحبلية أو الأسطوانية. وهي كاذبات الجوف العام، ذات فم نهائي، أما الشرج فيقع قبل نهاية الجسم بقليل. البلعوم عضلي بينما المعي مسـتقيم وغير عضلي.
جسمها مغطى بقشيرة ثخينة غير كيتينية. الجنسان منفصلان، ولكن بعضها خنثوي، وبعضها يمكن أن يتكاثر بالتوالد البكري parthenogenesis ليعطي إناثاً فقط. وهي تقطن البيئــات كافة، تعيش حرّة، كما أن بعضها يعيش أيضاً متطفّلاً على كل من النبات والحيوان. وفي الأنواع التي تعيش حرة تكون عادة صغيرة، يراوح طولها بين 0.5 و3مم، في حين تكون الأنواع التي تتطفل على الحيوانات أكثر طولاً.
تقسم هذه الشعبة إلى صفين: صف Secernentea وصف Adenophora.
ينتمي إلى الصف الأول ديدان خيطية تعيش حياة حرة في روث الحيوانات، ولكن بعضها يعيش حياة نصف طفيلية، وبعضهــا الآخر طفيلي عنيد مقاوم، وخاصة في طوره اليرقي الثالث. وأشهر أجناسها ينتمي إلى رتبة حيات البطن Ascaroidea والحرقصيات (أوالدبوسيات) Oxyuroidea والشصيات (الملقويات) Strongyloidea وشعريات الرأس Trichuroidea.
تنتمي إلى الرتبة الأولى حيات البطن (الجنس Ascaris)، ومنها النوع Ascaris lumbricoides (الشكل -1) الذي ينتشر في كثير من المناطق. وهو يتطفل على أمعاء الإنسـان في حالته البالغة، والذي قد يوجد في الأمعاء بأعداد كبيرة جداً، مسببة اضطرابـــات معوية وأعراضاً عصبية، نتيـجة لما تفرزه من مواد سامة، وقد يسبب انسداد الأمعاء. كما أن يـرقات الأسكاريس، بمرورها في كثير من الأوعية لدى إتمامها دورة حياتها، تصل إلى رئتي الإنسان مسببة له التهاباً رئوياً حاداً.
وهي حيوانات منفصلة الجنـس، والأنثى أكبر من الذكر. يراوح طولها بين 15 و28سم وقطرهــا بين 0.5 و0.8سم. لونها أبيض أو أصفر محمر. تحيط بالجسم قشيرة ملساء فيما عدا بعض التخطيطات. ينفتح الفم في النهاية الأمامية من جسم الدودة، ويكون محاطاً بشفاه ثلاث إحداها ظهرية واثنتان بطنيتان جانبيتان مجهزتان بأسنان دقيقة وحليمات. أما الشرج فينفتح بالقرب من النهاية الخلفية للدودة، وتبرز في الذكر شوكتا السِّفاد. ويميز الذكر من الأنثى بنهايته الخلفية التي تكون معقوفـة في الذكر ومستقيمة فــي الأنثى، في حين تقع الفوهة التناسلية للأنثى في الجهة البطنية للثلث الأمامي من الدودة.
يمكن أن تضع الأنثى البالغة نحو مائتي ألف بيضة كل يوم. وتتم الإصابة بديدان الأسكاريس نتيجة تناول خضار ملوثة ببيوض هذه الديدان، أو الأغذيـة الملوثة بها، كما يمكن أن ينقلهــا الذباب المنزلي عن طريق التصاقها بجسم الذباب. وهـذه البيوض التي تحتوي في داخلها على أجنة، مقاومة للأحوال الخارجية. وتفقس هذه البيوض فــي المعي الدقيق، ثم تخترق اليرقات نسج المعي لتدخل إما في الأوعية البلغمية أوفـي الأوردة الصغيرة. ففي الحالة الأولى تصل إلى العقد البلغمية ومنها إلى الدورة الدموية ثم القلب، وفي الحالة الثانية تصل إلى الكبد أولاً ومنه إلى القلب، ومن ثم إلى الرئتين لتصعد في القصبات الهوائية إلى البلعوم، ثم تعود إلى المعي عن طريق المري والمعدة. وبعد هذه الجولة، التــي تستغرق نحو عشرة أيام، تصل الديدان في المعي إلى المرحلة البالغة في شهرين ونصف تقريباً.
وتنتمي إلى رتبة الحرقصيات (الدبوسيات) ديدان صغيرة دقيقة تتطفل عموماً على الفقاريات وأحياناً على عديمات الفقار، تعيش في مرحلتها البالغة في القسم الأعلى من المعي الغليظ. مثالها الدودة الدبوسية Enterobius vermicularis (الشكل -2) التي تتطفل على الإنسان، طولها نحو سـنتيمتر واحد، وتصيب الأطفال غالباً، ويسبب خروج إناثها أثناء الليل من المستقيم الحكة الشرجية التي تميز هذا المرض. ونتيجة لهذه الحكة تتلوث الأيدي وخاصة تحت الأظافر بالبيوض التي تكون الإناث قد وضعتها مباشرة فور خروجها.
ومن أجناسها أيضاً ديدان الحرقص Oxyurus التي تشبه ديدانه الديدان الدبوسية، وتسبب اضطرابات هضمية وفقر الدم.
رتبة الشصيات أو الملقويات العفجية
وإلى رتبة الشصيات (الملقويات) تنتمي ديدان تتطفل على أمعاء الفقاريات. وتعد الملقويات العفجية (الجنس Ancylostoma) من أهم أجناسها، وينتشر النوع A.duodenal (الشكل -3) كثيراً في المناطق المدارية والرطبة، وهي دودة صغيرة، يبلغ طول الذكر نحو سنتيمتر واحد ويبلغ طول الأنثى سنتيمترين. وتمتص الدم بوساطة بلعومها العضلي، وتؤدي إلى نوع من النزف مسببة فقر الدم للإنسان. تتزاوج هذه الديدان في معي العائل، وتضع الأنثى عدة آلاف من البيوض في اليوم تطرح مـع الفضلات. وتفقس هذه البيوض في يوم أو يومين، يساعدها على ذلك الجو الرطب الحار. وتتغذى اليرقات الناتجة بالمواد العضوية والفضلات، وتنسلخ مرتين، وتصبح معدية للإنسان، عندما يبلغ طولها نصف ميليمتر تقريباً. وتدخل جسم الإنسان بثقبها الجلد في جانبي القـــدم مسببة حكة فيه. ثم تهاجر اليرقات في الأوعية الدموية والبلغمية مارة في القلب، ومنه إلـــى الرئتين ثم القصبات الهوائية فالرغامى فالبلعوم ثم المعدة والمعي. وتنضج عندما تصل المعي.
الدودة الحلزونية
وإلى رتبة شعريات الرأس تنتمي الشعرية الحلزونية Trichinella spiralis التي تتطفل على الإنسان والخنزير والجرذان مسببة مرض الشعرية trichinosis (الشكل -4)، يصاب الإنسان به إذا تناول لحماً غير ناضج لخنزير مصاب. وبعد نضح اليرقة في الأمعاء فإنها تنتقل إلى العضلات لتسكن فيها ضمن أكياس مقاومة تصيب الإنسان إذا تناول اللحم غير الناضج.
الديدان الإسطوانية والزراعة
المقال الرئيسي: الديان الإسطوانية والزراعة
قد يتساءل البعض كيف يمكن لديدان النيماتودا المتناهية في الصغر أن تؤذي النباتات والجواب هو في تصور أعداد هائلة من تلك الديدان تحيط بجذر النبات من كل جانب تمتص منه بواسطة الرمح الموجود في فمها عصارة الجذر على نحو مستمر، لا شك أن النبات يضعف ويذبل بينما الديدان تكبر وتتكاثر، وكان الأمر يهون لو اقتصر الضرر على ما تستهلكه الديدان من عصارة النبات، إنما معظم الضرر ينجم عما تفرزه الديدان من لعاب Saliva تحقنه في خلايا النبات بواسطة رمحها المذكور طالما تتابع تغذيتها، ووظيفة اللعاب انه يعمل على تمييع محتويات الخلايا النباتية لتصبح سهلة التناول والتمثيل بما يحويه من أنزيمات متعددة تحلل الخلايا وتؤدي بالنتيجة الى موت الأنسجة النباتية التي تظهر على شكل قروح على الجذر،
كما تسبب هذه الأنزيمات أحيانا تضخم الخلايا الشاذ كالخلايا العملاقة Giant cells التي تسببها نيماتودا تعقد الجذور (شكل رقم 3)، أو أن أنزيمات اللعاب تكبت انقسام الخلايا الميرستيمية القمية فتتوقف الجذور عن النمو، وعلى العكس فقد تشجع بعض أنزيمات اللعاب عملية انقسام الخلايا مؤدية بذلك الى تكون عقد جذرية بأحجام وأعداد مختلفة، أو الى تشوه الجذور او تكون أعداد كبيرة من الجذور الجانبية قرب مواضع الإصابة، وغير ذلك من الأعراض التي سيأتي شرحها. ثم ان ديدان النيماتودا بإضعافها للنباتات وفتحها الثغرات في الجذور تهيئ بيئة مناسبة لدخول الأمراض النباتية الفطرية والبكتيرية والفيروسية، كما أن أنواع معينة من النيماتودا تحمل الفيروسات المرضية في جهازها الهضمي وتنقلها الى النباتات السليمة عن طريق لعابها الذي تحقنه في الخلايا النباتية.
جميع النيماتودا الضارة بالنباتات هي طفيليات إجبارية، بمعنى أنها لا تستطيع العيش والتكاثر ما لم تحصل على غذائها من عوائلها النباتية الحية بما فيه بقايا الجذور أحياناً، وهناك من أنواع النيماتودا ما يصيب عدد محدود من النباتات بينما أغلب الأنواع يمكن لها أن تتطفل على عدد كبير جداً من المحاصيل الزراعية، كما تختلف النيماتودا في نوع تطفلها فإما أن تدخل النباتات وتتغذى على أنسجتها من الداخل وتسمى طفيليات داخلية أو أنها لا تدخل الأنسجة النباتية إنما تتغذى على السطح الخارجي للجذور أو الأجزاء النباتية الأخرى وتسمى طفيليات خارجية (شكل رقم 3) علماً بأن بعض الطفيليات الداخلية تتطفل من الخارج في جزء من حياتها وتسمى طفيليات نصف داخلية.
تختلف الديدان الثعبانية في سلوكها أثناء تطفلها، فكلا الطفيليات الداخلية والخارجية إما أنها تقيم في المكان الذي تتغذى عليه ولا تغادره وتدعى بأنها مقيمة أو أنها تنتقل أثناء تغذيتها من موضع الى آخر وتدعي بأنها منتقلة، علماً بأن النيماتودا المقيمة قد تكون في بداية حياتها منتقلة لحد ما.
علم الأوبئة
تكلم ابن سينا، في الجزء الثاني من كتابه القانون في الطب عن أصناف الديدان الطفيلية المعوية، فقال: «أصناف الديدان أربعة، هي: طوال، عظام، مستديرة، معترضة». وتكلم الرازي في كتابـه «الحاوي في الطب» (الجزء 11)، وابن هبل البغدادي في كتابه «المختارات في الطب» ( الجزء الثالث )، عن الديدان المعوية. كما تطرق ابن الجزار القيرواني إلى الحديث عن الديدان الطفيلية في أمعاء الصبيان في كتابه المعروف «سياسة الصبيان وتدبيرهم». [1]
وتقسم الديدان الطفيلية، كما ذكرتها مراجع التراث العربي، إلى الأنواع الآتية: الديدان العِراض وهي الديدان الشريطية، والحيات الكبار وهي ديدان الأسكاريس، والديدان الصغار التي تكون عند المقعدة (الديدان التي تشبه الدود المتولد في الخل) حيث تسبب داء الدبوسيات، والديدان المستديرة وهي الديدان الشصية ولاسيما الأنكلوستوما