تخطى إلى المحتوى

النهر الصغير 2024.

الطفل والسمكة
بقلم طلعت سقيرق

لم يكن صديقنا سمير مرحا كعادته ، كان ينظر إلى البعيد ويتنهد وكأنه يحمل من الهموم ما يحمل .. هذه هي المرة الأولى التي يجلس فيها على ضفة النهر بوجه حزين إلى هذا الحد ، كانت يده تمتد بين الحين والحين وتأخذ قليلا من الماء ثم ترشقه دون هدف ..
السمكة التي تعودت أن ترى صديقنا مرحا استغربت هذه الصورة من الحزن عندما اقتربت كثيرا من سمير وقالت :
– إلى أين وصلت يا صديقي سمير ، ما بك ، لماذا يرتسم كل هذا الحزن في عينيك ؟؟..
غاصت السمكة قليلا في الماء قبل أن تسمع أي إجابة ، ثم عادت إلى سطح الماء وقالت :
– أجبني يا سمير بماذا تفكر ؟؟.. كأنك تحمل كل هموم الدنيا على كتفيك الصغيرين ؟؟
قال سمير وهو يتأمل حركة السمكة :
– أهلا بالسمكة الطيبة .. ماذا أقول يا صديقتي ، بصراحة اليوم أغضبت معلمي ..
نظرت إليه السمكة متسائلة ثم قالت :
– لماذا يا سمير ؟؟.. أعرف تماما أنك طالب نشيط ومجد ، فلماذا يغضب منك معلمك ، وما الداعي إلى غضبه ؟؟
قال سمير بارتباك :
– تحدثت دون استئذان مرتين ..
– وماذا أيضا .. لماذا توقفت عن الكلام ..
– لم أكتب الوظيفة.. أتدرين كان المعلم غاضبا وحزينا ، كلماته تركتني في حيرة .. قال : إذا كان الطالب المجد يفعل ذلك فماذا نقول للبقية ؟؟ ..
– معه كل الحق .. أنت مخطئ يا سمير هذه حقيقة ..
– وهل قلت لك غير ذلك ، أعرف أنني مخطئ لكن ما الحل ؟؟..
غاصت السمكة طويلا في الماء ، وحين عادت قالت بتمهل :
– ما رأيك يا سمير أن تترك المدرسة ؟؟.
صرخ سمير برعب حقيقي :
– ماذا ؟؟ ماذا تقولين .. أترك المدرسة أتعرفين معنى ذلك ؟؟..
– طبعا أعرف .. إذا ما رأيك أن تبقى هكذا ولا تهتم لأي تأنيب .. وعندما يتعود معلمك ذلك سيتركك لكسلك ؟؟
– أنت مجنونة يا صديقتي .. بأي منطق تتحدثين ؟؟ أتريدين أن أكون كسولا ؟؟
– إذاً أخبرني ما هو الحل ؟؟..
– أظن أن اعتذاري للمعلم وعودتي إلى نشاطي وجدي واجتهادي سيكون له أثر في مسامحة معلمي لي ..
قالت السمكة :
– وهل سيرضى معلمك بهذا .. لا أظن ..
حقيقة كان سمير حائرا من كلام السمكة الغريب ، لذلك قال :
– يا صديقتي خطأ واحد لن يقلب الدنيا ، دائما كنت الطالب المجد النشيط ، لم يتغير شيء ، ومعلمي يحبني وأنا أحبه ، أنا متأكد أنه سيسامحني .. لماذا تفعلين بي ما تفعلين ؟؟..
ضحكت السمكة وقالت :
– أرأيت يا صديقي حوارنا قادك إلى الحل الصحيح .. أعرف كم أنت مجد ، لذلك حاولت إثارتك ، وها أنت قد وجدت الحل ..
قال سمير :
– حقا يا صديقتي .. أشكرك من كل قلبي ، أنت صديقة وفية ، الآن سأذهب إلى البيت لأكتب وظائفي وأدرس دروسي .. وداعا ..
قالت السمكة :
– مع السلامة يا صديقي ، ستكون دائما طالبا متفوقا ..
ذهب سمير إلى بيته ، وغاصت السمكة في ماء النهر وهي سعيدة فرحة لأن صديقها سمير عاد كما كان ، الطالب النشيط المجد المثابر ، وعرفت أنه سيبقى كذلك ..

شكرا ع القصة الجميلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.