اللفظ وسيلة هامة للاتصال وهو من أهم ما يميز البشر عن بقية المخلوقات الأخرى. وطرق التدريس اللفظية هي من أهم طرق التدريس وأشهرها قاطبة، وهي الأكثر استخداما في تدريس العلوم، وبالرغم من المآخذ على الأساليب اللفظية، إلا أن اللفظ يظل الوسيلة الأهم للاتصال بين بني البشر. وسوف نستعرض ثلاثة نماذج من طرق تدريس العلوم اللفظية، وبالرغم من استخدامها في تخصصات أخرى إلا أننا سنقدمها بشيء من الخصوصية للعلوم فيما يختص بالأمثلة والنماذج، وهذه الطرق هي: المحاضرة والمناقشة والقصة العلمية.
أولاً- المحاضرة
وهى قيام المعلم بإلقاء المادة العلمية كاملة على المتعلمين، وفى هذه الحالة تتمحور عملية الندريس حول المعلم ليصبح محورا لها، ويكون دور المعلم الملقي بينما يكون دور المتعلم المتلقي أو المستقبل للتعلم ويكون هناك اتصال ضعيف بين المعلم والمتعلم، ويعتمد الدرس اعتماداً كلياً على إلقاء المعلم. وقد يستخدم بعض المحاضرين بعض الوسائل التعليمية كما أن المعلم قد يسمح بفجوة قليلة من النقاش مع المتعلمين، وهذا النوع ينتهي بقول المعلم أي استفسار أو أي أسئلة، وهى أشهر طرق التدريس استخداماً في مدارس الدول على حد سواء.
والمحاضرة من أقدم طرق التدريس استخداما في التعليم إذ استخدمت منذ بداية الخليقة، وإن لم تستخدم بصورتها وضوابطها الحالية إلا بعد بداية المدارس النظامية، إلا أن التاريخ يدلنا أن التعليم ماقبل الإسلام كان يستخدم هذه الطريقة كما أن التعليم النبوي وما تبعه من أنماط التعليم الإسلامي الأولى كانت تعتمد بدرجة كبيرة على الخطابة في المسجد وهذا شكل من أشكال المحاضرة.
مزايا المحاضرة:
على الرغم من النقد اللاذع على المحاضرة كطريقة لتدريس العلوم، إلا أن لديها من الإمكانات والمزايا التي لاتتوفر لغيرها، ومن هذه المزايا:
1-يتم إلقاء كمية كبيرة من المعلومات في وقت اقتصادي.
2- تناسب المجموعات الكبيرة من الطلاب.
3- تدرج وترابط فقرات المادة العلمية.
4- قدرتها الفائقة على ضبط الفصل.
5- اقتصادية في الأجهزة وفي عدد المعلمين.
مآخذ على المحاضرة:
بالرغم من أن المحاضرة أقدم طرائق التدريس وأشهرها وأكثرها استخدما، إلا أنها أكثرها انتقادا من قبل المربين نظرا لتهميشها لدور المتعلم ومشاركته في الدرس، ومن النقد الموجه لهذه الطريقة.
1-دور المتعلم في المحاضرة سلبي.
2- إغفال الجانب المهاري وفي الواقع هذا العيب في جميع الطرق اللفظية.
3- تغفل مبدأ التعلم الذاتي وتجبر المتعلم على الحفظ والاستظهار.
ولكن يمكن تحسين هذه الطريقة لتزيد فعاليتها،
ومن وسائل تحسينها:
1-أن يتحدث المتحدث بطريقة وبصوت مرتفع وأن يغير من نبرات صوته.
2- أن لايسرع المتحدث في المحاضرة، ولا يسرد الحديث سردا. تقول عائشة رضى الله عنها: "ما كان رسول الله صلى الله علية وسلم يسرد سردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بينه فصل يحفظه من استمع إليه[1]".
3- استخدام المعينات كالشرائح والشفافيات والسبورة وغيرها.
4- إعطاء بعض الأمثلة والتطبيقات.
5- الترتيب المنطقي لخطوات الشرح.
6- استخدام عامل التشويق في طرح المواضيع.
[1] متفق عليه (البخاري: 6(356، ومسلم (160)، والترمذي (600).
ثانياً- المناقشة
هي حوار شفوي بين المعلم والتلاميذ أو بين التلاميذ أنفسهم يتم من خلالها تقديم المادة العلمية أو الدرس وهناك عدم اتفاق بين المعلمين على مفهوم المناقشة حيث أن بعضهم يرى أن مجرد السؤال والإجابة مناقشة، والحقيقة أن المناقشة تعني فتح الاتصال بين المدرس والتلاميذ أو بين التلاميذ أنفسهم فيأخذ منهم ويعطيهم.
مزايا المناقشة:
تتميز المناقشة عن المحاضرة فيما يلي:
1- مشاركة الطلاب في المادة العلمية.
2- تؤدى إلى إعمال عقل المتعلم.
3- عدم شرود ذهن المتعلم.
4- تنمية الناحية الاجتماعية في المتعلم والقدرة على ابدأ الرأي.
عيوب المناقشة:
1-تحتاج إلى قدرة كبيرة في ضبط الفصل.
2- لاتتعمق في المادة العلمية.
3- تهمل المهارات كغيرها من الطرق اللفظية.
و من وسائل تحسينها:
1-القدرة على ضبط الحوار وعدم الخروج عن موضوع الدرس.
2- التخطيط الجيد للمناقشة، وللأسئلة التي سيتم طرحها أثناء المناقشة .
3-دعمها بالوسائل التعليمية.
4- بدء المناقشة ببداية شيقة تجذب انتباه المتعلمين للمناقشة وتحفزهم على المشاركة فيها.
5- مشاركة جميع المتعلمين في المناقشة.
6- أن يكون التلميذ هو محور المناقشة، ويكون دور المعلم قيادة وتوجيه النقاش فحسب.
ثالثا: القصص العلمية
وهي عبارة عن رواية علمية أو حكاية نثرية تصور أحداثا واقعية أو خيالية لمواقع أو أشخاص أو أحداث رتبت وتعرض بطريقة جذابة ومشوقة لتحقيق أهداف الدرس. ولها عدد من المحاور أو المكونات، وهي:
1-الأشخاص مثل باستير و اينشتاين.
2- الأحداث التي تمر في القصة.
3- الحوار المتكون بين الأشخاص مثل الحوار الذي دار بين أبي بكر الرازي والخليفة العباسي (المعتضد) حول تحديد مكان مستشفى بغداد أو الحوار الذي دار بين جاليليو وقاضي الكنيسة وقصص كوري وزوجها واليورانيوم.
4- الزمان، إذ لابد أن يتخلل القصة الزمان الذي حدثت فيه.
وقد نظر القرآن الكريم إلى حب النفس البشرية للقصص ففطر الإنسان لحب سرد القصص وعلق قلوب المتعلمين بمتابعة القصة، ولذلك فهي يمكن أن تكون طريقة تدريس ناجحة في تقديم دروس العلوم اليومية إن أحسن استثمارها واستغلالها. وهناك نوعين من القصص واقعية وخيالية.
شروط القصة العلمية[1]:
1-أن تعرض بطريقة شيقة وأن لاتعرض بطريقة التلاوة.
2- أن تكون مناسبة لسن المتعلمين.
3- تشويق المتعلمين للقصة قبل سردها.
4- أن يتخلل القصة عنصر المفاجأة بين كل فترة وأخرى.
5- أن تدعو إلى الفضيلة وتنبذ الرذيلة.
6- تغير الصوت ويجب أن يكون الصوت مميزاً.
7- تماسك القصة العلمية وترابطها وتسلسلها.
8- أن تكون القصة جديدة على الطلاب.
9-أن لا يعجل المعلم في سرد القصة وأن ينتظر الانتباه.
10-أن يكتب المعلم عناوين فرعية عبارة عن تلخيص للقصة على السبورة.
11-هناك من يشترط أن تكون القصة واقعية ولكن إن لم تكن كذلك فيجب أن لايكون فيها كذب.
مزايا القصة العلمية:
1-تجذب انتباه المتعلمين للدرس، بل إنها يمكن أن نحول حصص العلوم إلى غاية في التشويق إن أحسن المعلم عرضها.
2- تبعد المتعلمين عن جو التلقين الممل وتستبدله بمتعة تعليمية.
3- تناسب طبيعة النفس البشرية المجبولة على حب القصص والروايات.
ولكن هناك بعض المآخذ على هذه الطريقة، ومنها:
1-قد لا يحسن المعلم استخدامها فتحول الدرس إلى جو من المرح والضحك.
2- هناك من يستخدم القصص الخيالية الكاذبة ويبني في التلميذ التهاون في الكذب.
3- تهمل المهارات.
[1] البوسعيدي، أمل بنت عبدالله (1418 هـ). القصة وأثرها التربوي في تدريس علوم الشريعة. من بحوث: المرجع في تدريس علوم الشريعة، القسم الثاني، تحرير: عبدالرحمن صالح عبدالله. عمان، مؤسسة الوراق.
تربوي