تخطى إلى المحتوى

الاحتراق النفسي عند المعلمين 2024.

د. ادوارد عبيد – يعتبر مفهوم الاحتراق النفسي ychological Burnout من المفاهيم الحديثة نسبيا .ويعتبر فرويد نبرجر أول من استخدم هذا المصطلح في أوائل السبعينات للإشارة إلى الاستجابات الجسمية والانفعالية لضغوط العمل لدى العاملين في المهن الإنسانية الذين يرهقون بنفسهم في السعي لتحقيق أهداف صعبة . وأشار الدكتور عبد السلام المجالي (السياسي والتربوي العريق ) في كتابه رحلة العمر، عندما استلم وزارة التربية والتعليم في بداية السبعينات من القرن الماضي إلى ظاهرة الاحتراق النفسي للمعلم بطريقة غير مباشرة عندما ذكر كان عبء المعلم التدريسي ثقيلا ينوء بحمله، ولعله وقتذاك ستا وعشرين حصة للمعلم الواحد في المرحلة الثانوية ، ومن ثم كان الطالب مثقلا أيضا بما يزيد عن أربعين حصة . وقد حظيت ظاهرة الاحتراق النفسي باهتمام العديد من الباحثين في كل المجالات الحياة نظرا لأثارها السلبية على الناس في مجال العمل والإنجاز. ويعرف موس (Moss) الإحتراق بأنه الشعور العام بالإنهاك والذي ربما يتطور عندما يعايش الفرد الكثير من الضغوط والقليل من الرضا .فالأفراد الذين يتسمون بالطموح العالي والدافع القوي لإنجاز الأشياء هم المرشحين للوقوع في براثن الاحتراق ، حيث يسخر الفرد وقته وجهده في العمل في نفس الوقت الذي يحقق فيه توقعات الآخرين منه ، لذا يشعر بالإنهاك والتعب وعدم القدرة على إنجاز المهام ، وعدم القدرة على التركيز الذهني والعملي والتردد و اضطراب النوم والأرق والصداع وهبوط ضغط الدم ، بالإضافة للحساسية تجاه الآخرين العدوانية .وقد أثبتت الدراسات أن المعلمين الجيدين على درجة عالية من التوتر المهني ، وهذا يرجع إلى أن المعلمين الواثقين من أنفسهم وعملهم كانوا أكثر استعداداً للاعتراف بالتوتر .
وتشير الدراسات في كثير من الدول إلى أن التدريس أصبح بصورة متزايدة سبباً في حدوث التوتر المهني عند المعلمين وهذا ما سلمت به منظمة العمل الدولية (ILO) .
وفي كتاب الإدارة المدرسية الحديثة للدكتور محمد منير مرسي أشار إلى انتشار ظاهرة التوتر والاحتراق المهني عند المعلمين في كثير من الدول لاسيما أمريكا ، بريطانيا ، كندا ونيوزيلندا ، ويشير نموذج الشخصي ـ البيئي ( Prsonnal-Enviromental ) الذي طوره هارسون وآخرون ( rrison, et al. 1980 ) الذي يهتم بالتفاعل بين خصائص الفرد وخصائص بيئة العمل في إحداث الضغوط، إلى أن الضغوط تنشأ من عدم التوافق بين الفرد ومهنته. وبذلك تكون الضغوط تجربة ذاتية تحدث اختلالا نفسيا أو عضويا لدى الفرد، وتنتج عن عوامل في المنظمة التي يعمل بها الفرد أو عن عوامل ذاتية لدى الفرد نفسه.
ومن مظاهر الاحتراق النفسي التي يلاحظها المعلمون أو المراقب لأحوالهم ، الضغط النفسي الذي يتعرض له بعضهم أثناء العام الدراسي سواء داخل الصف الدراسي أو خارجه . ولهذا الضغط النفسي علامات منها:
1. الشعور بالنفور من التدريس والملل من الصف والطلاب.
2. انخفاض الدافعية للمشاركة في أنشطة المدرسة .
3. عدم الاهتمام بالإعداد للدرس ، وأداؤه بأقل قدر من الجهد والوقت.
4. التأخر في الذهاب للصف وعدم متابعة واجبات الطلاب .
5. الإكثار من ذم الطلاب و اتهامهم بالكسل وعدم الفهم .
6. كثرة التذمر من أوضاع المدرسة وأوضاع التعليم بشكل عام .
وأظهرت الدراسات أسباب وأعراض الاحتراق النفسي حيث تبين وجود ثمانية أسباب رئيسية للاحتراق النفسي وهي:
1. العمل لفترات طويلة دون الحصول على قسط من الراحة .
2 . غموض الدور .
3 . فقدان الشعور بالسيطرة على مخرجات العمل أو الإنتاج .
4 . الشعور بالعزلة في العمل وضعف العلاقات المهنية.
5 . الزيادة في عبء وتعدد مهام العمل المطلوبة .
6 . الرتابة والملل في العمل .
7 . ضعف استعداد الفرد للتعامل مع ضغوط العمل .
8 . الخصائص الشخصية للفرد .
ولأن المدارس أصبحت هرمية وبيروقراطية التنظيم في أدائها لدورها وتحقيق أهدافها التربوية اقترحت إحدى الدراسات بعض الطرق لإداريي المدارس لخفض معدلات الاحتراق النفسي بين المعلمين منها: على مدراء المدارس تشجيع وحفز المعلمين لوضع أهداف واقعية ، وعلى الإداريين تحديد المسئوليات وبوضوح لكل معلم ويحتاج المسئولين في المدرسة إلى إحداث تغييرات بصورة تدريجية ، وبخطوات محددة . كما يجب على مدراء المدارس خفض الضغوط النفسية لدى معلميهم ، وذلك بتوفير أفضل الظروف المادية والنفسية ويجب على مدراء المدارس تطوير قدرات المعلمين لمعرفة أعراض الاحتراق النفسي ومواجهة مشاكله بصورة فورية.
إن العناية بعلاج مشكلة التوتر النفسي للمعلمين على درجة كبيرة من الأهمية لأنه يترتب عليه تحسين نوعية الحياة المهنية للمعلمين وتحسين نوعية التدريس ، وزيادة كفاءته ورفع مستواه .
كما أنه يترتب عليه رفع كفاءة مخرجات النظام التعليمي وزيادة إنتاجيته بصفة عامة .المقصود بذلك الرفع من كفاءة المعلم في أداء العمل وتنفيذه ، حتى لا يكون يكون سببا في إثارة الضغط عند الفرد ، فإذا وقفنا على جوانب القصور ومحاولة تلافيها من خلال إكسابه المهارات اللازمة سيقل الضغط الذي يعاني منه.

عن جريدة الراي الاردنية

بارك الله فيك اخي الفاضل الاستاذ جاسر مجاشي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.