يقولون: اصْفَرّ لونه للإنسان المريض ، واحمرّ خدّه من الخجل، وعند المحققين أنه يقال: اصفرّ واحمرّ عند اللون الخالص الذي قد تمكن واستقر، وأما إذا كان تغير اللون عارَضاً يرجى له أن يزول فيقال فيه: اصفارّ لونه واحمارّ وجهه .
– والعامة تقول: أعِرْني سمْعَك. والصواب: أرْعِني سمْعَك.
– ويقولون: زيدٌ أفضلُ إخوتِه، فيخطئون، لأن أفْعَل التفضيل لا يضاف إلا لما هو داخلٌ فيه ومتنزِّلٌ منزِلَةَ الجزءِ منه، وزيدٌ غيرُ داخلٍ في جملة إخوته، ألا ترى لو قال قائل: مَنْ إخوةُ زيد؟ لعددتهم دونه، كما لا يقال: زيدٌ أفضلُ النساءِ، وتحقيق الكلام أن يقال: زيدٌ أفضلُ الإخوة، وأفضلُ بَني أبيه.
– ويقولون: أَقرِئ فلاناً السلامَ. والصواب: اقرأْ عليه السلام، فأما أقْرِئْه السلام فمعناه: اطلب منه أنْ يقرأ السلامَ، كما يقال: أقرأته السورةَ، وقد أخذ النقاد على الشاعر أبي تمام الغلط في مثل هذا حين قال:
أقْري السلامَ معرَّفاً ومُحَصَّباً … من خالدِ المَعروفِ والهَيْجاءِ
– ويقولون: جاءني القوم إلاّكَ . فيوقعون الضمير المتصل بعد إلا كما يقع بعد غير، وقد وقع في هذا الوهِم أبو الطيب المتنبي في قوله:
ليس إلاّكَ يا عليُّ هُمامٌ … سيْفُه دونَ عِرضِه مَسْلولُ
والصواب ألاّ يقَع بعد " إلاّ " غير الضمير المنفصل، كما قال تعالى: (أمرَ ألاّ تعبُدوا إلا إيّاه).
– ويقولون: امتلأتْ بطْنُه، فيؤنثون البطنَ، وهو مذكّر، بدليل قول الشاعر:
فإنّك إنْ أعطيتَ بطْنَكَ سُؤلَهُ … وفرْجَكَ نالا مُنتَهى الذّمِّ أجْمَعا
وأما قول الشاعر:
فإنّ كِلاباً هذه عَشْرُ أبطُنٍ … وأنتَ بَريءٌ منْ قَبائِلها العَشْرِ
فإنه أراد بالبطن القبيلة
– ويقولون: انْضاف الشيءُ إليه، وانْفَسَدَ الأمرُ عليه. والصواب هو : أُضيفَ إليه، وفسَدَ عليه، والعلة في امتناع صيغة : انْفَعَل هنا ، أن فِعْل المُطاوعة المصوغ على وزن انْفَعَل يجب أن يأتي مطاوعا للفعل الثلاثي المتعدي كقولك: سكبته فانسكب وجذبته فانجذب، وضاف وفسد إذا عُدِّيا بهمزة النقل صارا رباعيين.
– ومن أخطاء الكتاب الشائعة أنهم إذا ألحقوا لا بأنْ حذفوا النون في كل موطن،فصارت دائما : ألا ، وليس ذلك على عمومه، ولكن إذا وقعت أنْ بعد أفعال الرجاء والخوف والإرادة كتبتْ بإدغام النون، نحو: رجوت ألاّ تهجرَ، وخِفتُ ألا تفعلَ، وأردت ألاّ تخرجَ، وذلك لاختصاص أنْ المخففة في الأصل به ووقوعها عاملة فيه فوجب الإدغام، كما تدغم في إن الشرطية إذا دخلت عليها لا وثبوت حكم عملها على ما كانت عليه قبل دخولها، فتكتب: إلاّ تفعلْ كذا يكنْ كذا.
أما إنْ وقعتْ بعد أفعال العِلْم واليقين فيجب أن تظهر النون، لأن أصلها في هذا الموطن المشددة وقد خففت كقوله تعالى: (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً اً) (طـه /89) وكذلك إن وقع بعد لا اسم، نحو: لا خَوْفَ عليك، فتقول: أنْ لا خَوْفَ. ووقوعها بعد أفعال الظّن والمَخْيَلَةِ يُجَوِّزُ إثباتَ النون وإدغامها لاحتمالها هنا أن تكون هي الخفيفة أو المخففة من الثقيلة، ولهذا قُرِئَ قوله تعالى : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا) (المائدة / 71) بالرفع والنصب: فمَنْ نصب بها أدغم النون في الكتابة، ومن رفع أظهرها. – ومن ذلك: أن كلمة " الأوْباش " يستخدمها الكتاب المعاصرون بمعنى : السَّفِلة، وليس هذا الاستعمال صحيحا . إنما الأوباش والأوشاب: الأخلاط من الناس من قبائل شتى، وإن كانوا رءوساً وأفاضل، وفي الحديث: وقد وَبّشتْ قريشٌ أوباشاً، أي جمعتْ جُموعاً. ( رواه البخاري )
– ويقولون: " الأيِّمُ " ، ولا يقصدون بها إلا التي ماتَ عنها زوجُها أوْ طلّقَها. وليس كذلك، إنما الأيِّم التي لا زوج لها سواء أكانتْ بِكراً أم ثَيِّباً، قال الله عز وجل: ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ) (النور / 32) لم يردْ بذلك الثَّيِّبات دونَ الأبكار.
– ويقولون إذا أصبحوا: سَهِرنا البارحةَ، وسَرَينا البارحةَ، والاختيار، على ما حكاه ثعلب، أن يقال: من الصبح الى أن تزول الشمس: سَرَينا الليلة، وفيما بعد الزوال الى آخر النهار: سهِرنا البارحة. ويتفرّع على هذا أنهم يقولون من انتصاف الليل الى وقت الزوال: صُبِّحتَ بخيرٍ، وكيف أصبحتَ، ويقولون إذا زالت الشمس الى أن ينتصف الليل: مُسّيتَ بخيرٍ، وكيف أمسيتَ، وجاء في الأخبار المأثورة أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انْفَتَل من صلاةِ الصُبْحِ قال لأصحابه: (هلْ فيكُم مَنْ رأى رُؤْيا في لَيْلَتِه؟).
– ويقولون: اعملْ بحَسْبِ ذلك، بإسكان السين. والصواب فتحها، لتطابق معنى الكلام، لأن الحَسَبَ هو الشيء المحسوبُ المماثلُ والمقدَّرُ، وأما الحَسْب بالسكون فهو الكِفاية، ومنه قوله تعالى: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً) (النبأ / 36) والمعنى في الأول: اعملْ على قدر ذلك.
– ويقولون للمأمور ببِرِّ والديه: بِرَّ والدك، بكسر الباء. والصواب فتحها، لأنها تفتح في قولك يَبَرُّ، والسبب هو : أن حركة أوَّل فعل الأمر من جنس حركة ثاني المضارع، فتقول بَرّ أباك، لانفتاحها في قولك يَبَرُّ، وتضم الميم في قولك مُدَّ لانضمامها في قولك يَمُدّ، وتكسر الخاء في خِفَّ في العمل، لانكسارها في قولك يَخِفُّ.
والعامة تقول: بَرَرت والدي وبَرَرت في يميني. والصواب بَرِرت، بكسر الراء.
– ويقولون: البَرنامِج بكسر الميم . والصواب: البَرنامَج، بفتح الميم، وأصل معنى كلمة برنامج إطلاقها على ألواح مجموعة يكتب فيها الحساب.
– ويقولون: بُزْرُجُمْهُر. والصواب: بُزْرُجُمِهْر. وهو لقب بالفارسية . يسكنون الميم، والصواب ضم الباء وسكون الزاي وضم الراء والجيم وكسر الميم وسكون الهاء.
– ومن ذلك أنهم يكتبون بسم الله أينما وقع بحذف الألف، والألف إنما حُذفت منه، إذا كتب في أول فواتح السور لكثرة استعماله في كل ما يبدأ به، وتقدير الكلام: أبدأ باسم الله، فإذا بَرَز وجب إثباتها، كقوله تعالى: (اقْرأْ بِاسْمِ ربِّك الذي خلَق).
– ويقولون: بعثتُ إليه بغلام وأرسلتُ إليه بهدية، فيخطئون. لأن العرب تقول فيما يتصرَّف بنفسه أي العاقل : بعثته وأرسلته، كما قال تعالى: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (المؤمنون / 44) ويقولون فيما يُحمَل: بعثتُ به وأرسلتُ به، كما قال تعالى: ( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ) (النمل / 35) وقد عيبَ على أبي الطيب قوله:
فآجرَك الإلهُ على عليلٍ … بعثتَ الى المسيحِ به طبيبا
ومن تأوَّل له: قال أراد به أن العليل لاستحواذ العلة على جسمه قد عومل معاملة ما لا يتصرف بنفسه.
– ولا يفرقون بين قولهم بِكَمْ ثوبُكَ مصبوغاً؟، وبِكَمْ ثوبُك مصبوغٌ؟ وبينهما فرق يختلف المعنى فيه، وهو أنك إذا نصبتَ مصبوغاً كان انتصابه على الحال، والسؤال واقع عن ثمن الثوب وهو مصبوغ. وإن رفعتَ مصبوغاً رفعتَه على أنه خبرُ المبتدأ الذي هو ثوبك، وكان السؤال واقعاً عن أجْرَةِ الصِّبغ، لا عن ثمن الثوب.
– ويقولون: بَنى بأهله. ووجه الكلام أن تقول: بَنى على أهله، والأصل فيه أن الرجل إذا أراد أن يدخل على عِرْسِه بَنى عليها قُبّة، فقيل لكل مَنْ أعرس: بانٍ، وعليه فسّر أكثرُهم قولَ الشاعر:
ألا يا مَنْ لذِي البَرْقِ اليماني … يلوحُ كأنّه مِصْباحُ بانِ
– ويقولون: المال بين زيد وبين عمرو، بتكرير لفظة بين.
والصواب أن يقال: بين زيد وعمرو، كما قال تعالى: (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ)، والعلة فيه أن لفظة بين تقتضي الاشتراك، فلا تدخل إلا على مثنّى أو مجموع كقولك: المال بينهما والدار بين الإخوة. فأما قوله تعالى: ( مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (النساء /143) فإنّ لفظة "ذلِك" تؤدي هنا معنى شيئين، ألا ترى أنك تقول ظننتُ ذلِك، فتقيم لفظ " ذلك" مقام مفعولَيْ ظننتُ.
– ويقولون: بيْنا زيدٌ قام إذ جاءَ عمروٌ، فيتلقّون بينا بإذ. والمسموع عن العرب: بينا زيد قام جاء عمرو، بدون حاجة إلى " إذ" ؛ لأن المعنى فيه: بين أثناء الزمان جاء عمرو، وعليه قول أبي ذؤيب:
بينا تُعانِقُه الكُماةُ وروغه … يوماً أتيحَ له جريءٌ سَلْفَعُ
فقال: أتيح، ولم يقل: إذ أتيحَ.
– ويقولون في جمع بيضاء وصفراء وسوداء: بيضاوات وصفراوات وسوداوات. وهو لحن فاحش، لأن العرب لم تجمع فَعْلاء التي هي مؤنثة أفْعَل بالألف والتاء، بل جمعته على فُعْل، نحو: بيض وصُفْر وسُود، كما جاء في القرآن: ( وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ) (فاطر / 27)
ويقولون: تتابعتْ عليه النوائِبُ. ووجه الكلام أن يقال تتايعتْ، بالياء المعجمة باثنتينِ من تحت، لأن التتابع يكون في الخير والشر، والتتايع يختص بالمنكر والشر، كما جاء في الخبر: (ما يحملكم على أن تتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار).