مقامات البحتري
4
أرسل حكيماً ولا توصه
بقلم الدكتور محمد البحتري
المقدمة
كنت قد وعدت زميلي المعلم الجديد بزيارة ثانية ، وفعلاً التقينا مرة أخرى ،وإني لأشهد بأن صديقي كان على قدر كبير من المسؤولية والجديّة ، فقد عرض إنجازاته وأنشطته ، وخططه، التي نفّذها في فترة وجيزة ، وكلها أعمال تدل على كفاءة عالية، ونية صادقة ، ورغبة حقيقية في الاستجابة ، وقد ساعده إلمامه بمهارات الحاسوب على توثيق أعماله في دقة متناهية ، و تنظيم سليم، قل نظيرهما عند الآخرين ، تذكّرت عندها أبياتًا للشاعر طرفة بن العبد _ وتنسب لصالح بن عبد القوس – يقول فيها :
إذا كنت في حاجة مرسلا فأرسل حكيماً ولا توصه
وإن باب أمر عليك التوى فشاور لبيباّ ولا تعصه
وإن ناصح منك يوما دنا فلا تنأ عنه و لا تقصه
لقد كان الزميل رسول الميدان التربوي ، والحكيم الذي تم اختياره من بين الكثيرين من أمثاله . وقد وجدته متلهفاً لمعرفة موضوع تربوي آخر، فقد تساءل قائلاً : سمعت أنّ هناك أسسا ومبادئ تنظّم العلاقات بين المجتمع المدرسي ، من طلبة ومعلمين وسواهم . فما هي تلك المبادئ ؟ وكيف أستطيع بناء العلاقات الإنسانية الإيجابية في المنظومة التربوية الجديدة التي أتعامل معها ؟
قلت لصديقي المعلم الجديد : إن الافتقار إلى مبادئ السلوك التي تنظّم العمل في المؤسسة التربوية كارثة محدقة بنا جميعاً ، وهي مهمة لجميع العاملين في المدرسة من معلمين وطلاب ، وإذا لم ننتبه في مدارسنا إلى ذلك فإننا نخرّج متعلمين يجيدون ممارسة كل شيء إلا الالتزام والسلوك المهذّب . والتربية أحوج ما تكون إلى المحددات والمعايير السلوكية .قال لي زميلي : وهل على المعلم أن أن يمتلك الكفاية العالية في معرفتها ؟
قلت : أجل . لقد تغيرت المجتمعات، وتغيرت الأوضاع في الأسر، وانشغل الوالدان عن أبنائهم ، وفي المدارس أصبحت مواجهة المسؤوليات عملية تصدم القائمين بها، بل يمكن القول : إننا نواجه اليوم جيلاً بأكمله لم تتأصل لديه المبادئ التي توجه سلوكه؟
إن وعي المعلم وإدراكه للمبادئ التي تحكم ممارسته ،هو شغله الشاغل في قلبه وخلفية تفكيره، وهو يزاول مهنته مزاولة تلقائية طبيعية، أخلاقيات العمل هي قواعد مهنية جماعية ، وليست قواعد فرد أو آخر، وهي مبادئ متضمنة في واقع الممارسة الفعلية ونابعة منها، وينبغى على كل معلم جديد أوقديم أن يطّلع عليها ويعمل بها .
والتحدي الحقيقي هو أن تجد الأخلاقيات والمبادئ طريقها للتطبيق العملي ، ولا تكون مجرد أبواق لإصدار الشعارات، وأن تستخدم في مواقف الحياة اليومية ؛ لتيسير سبل التعامل والتواصل، وتحسين جودة الأداء الأكاديمي وخدمة أهداف المجتمعات.
استحسن الزميل الكلام ثم التفت حوله يقول يا ليتنا نجمع بين النظرية والتطبيق، بين الشعار والواقع، بين ما نقول ونعمل . إذاً لأجدنا البناء، وأرسينا الأسس ، وإني أرجو أن تقدم لي بعض التوصيات المفيدة ، والتوجيهات الرشيدة لعلي أعمل بها في إطار العمل مع الآخرين ، فأتمكّن من مواجهة التحديات التي تعترض سيري نحو المستقبل ؟ قلت له : سأذكر لك بعضها إن شاء الله .
تحلّى بالمرونة والمرح ؛ لتخفيف ضغوط المواقف الطارئة ،وتمسك بالالتزام المهني، والتلقائية والابتكار واستلهام الأفكار من المعطيات المعروضة ، واعمل من أجل الحصول على الثقة والاحترام والتقدير ، وثابر على التواصل مع الآخرين وشاركهم همومهم وآمالهم، واحرص على حضور اللقاءات والندوات وبرامج التدريب المتعددة داخل المدرسة وخارجها .
وفي نظرة ملؤها العزيمة والإصرار ، شكرني الزميل ، فودعته، داعياً له بالتوفيق والنجاح ، والصبر على حمل رسالة العلم والتعليم ، ثمّ قلت له لا تنس أنّك الحكيم الذي أرسلك قادة التربية إلى الميدان ، وتذكّر صفات الحكيم التي ذكرها الشاعر في الأبيات السابقة ، واعمل بمضمونها .
بقلم الدكتور محمد البحتري البريد الألكتروني albohturi@hotmail .com متحرك : 050537427
4
أرسل حكيماً ولا توصه
بقلم الدكتور محمد البحتري
المقدمة
كنت قد وعدت زميلي المعلم الجديد بزيارة ثانية ، وفعلاً التقينا مرة أخرى ،وإني لأشهد بأن صديقي كان على قدر كبير من المسؤولية والجديّة ، فقد عرض إنجازاته وأنشطته ، وخططه، التي نفّذها في فترة وجيزة ، وكلها أعمال تدل على كفاءة عالية، ونية صادقة ، ورغبة حقيقية في الاستجابة ، وقد ساعده إلمامه بمهارات الحاسوب على توثيق أعماله في دقة متناهية ، و تنظيم سليم، قل نظيرهما عند الآخرين ، تذكّرت عندها أبياتًا للشاعر طرفة بن العبد _ وتنسب لصالح بن عبد القوس – يقول فيها :
إذا كنت في حاجة مرسلا فأرسل حكيماً ولا توصه
وإن باب أمر عليك التوى فشاور لبيباّ ولا تعصه
وإن ناصح منك يوما دنا فلا تنأ عنه و لا تقصه
لقد كان الزميل رسول الميدان التربوي ، والحكيم الذي تم اختياره من بين الكثيرين من أمثاله . وقد وجدته متلهفاً لمعرفة موضوع تربوي آخر، فقد تساءل قائلاً : سمعت أنّ هناك أسسا ومبادئ تنظّم العلاقات بين المجتمع المدرسي ، من طلبة ومعلمين وسواهم . فما هي تلك المبادئ ؟ وكيف أستطيع بناء العلاقات الإنسانية الإيجابية في المنظومة التربوية الجديدة التي أتعامل معها ؟
قلت لصديقي المعلم الجديد : إن الافتقار إلى مبادئ السلوك التي تنظّم العمل في المؤسسة التربوية كارثة محدقة بنا جميعاً ، وهي مهمة لجميع العاملين في المدرسة من معلمين وطلاب ، وإذا لم ننتبه في مدارسنا إلى ذلك فإننا نخرّج متعلمين يجيدون ممارسة كل شيء إلا الالتزام والسلوك المهذّب . والتربية أحوج ما تكون إلى المحددات والمعايير السلوكية .قال لي زميلي : وهل على المعلم أن أن يمتلك الكفاية العالية في معرفتها ؟
قلت : أجل . لقد تغيرت المجتمعات، وتغيرت الأوضاع في الأسر، وانشغل الوالدان عن أبنائهم ، وفي المدارس أصبحت مواجهة المسؤوليات عملية تصدم القائمين بها، بل يمكن القول : إننا نواجه اليوم جيلاً بأكمله لم تتأصل لديه المبادئ التي توجه سلوكه؟
إن وعي المعلم وإدراكه للمبادئ التي تحكم ممارسته ،هو شغله الشاغل في قلبه وخلفية تفكيره، وهو يزاول مهنته مزاولة تلقائية طبيعية، أخلاقيات العمل هي قواعد مهنية جماعية ، وليست قواعد فرد أو آخر، وهي مبادئ متضمنة في واقع الممارسة الفعلية ونابعة منها، وينبغى على كل معلم جديد أوقديم أن يطّلع عليها ويعمل بها .
والتحدي الحقيقي هو أن تجد الأخلاقيات والمبادئ طريقها للتطبيق العملي ، ولا تكون مجرد أبواق لإصدار الشعارات، وأن تستخدم في مواقف الحياة اليومية ؛ لتيسير سبل التعامل والتواصل، وتحسين جودة الأداء الأكاديمي وخدمة أهداف المجتمعات.
استحسن الزميل الكلام ثم التفت حوله يقول يا ليتنا نجمع بين النظرية والتطبيق، بين الشعار والواقع، بين ما نقول ونعمل . إذاً لأجدنا البناء، وأرسينا الأسس ، وإني أرجو أن تقدم لي بعض التوصيات المفيدة ، والتوجيهات الرشيدة لعلي أعمل بها في إطار العمل مع الآخرين ، فأتمكّن من مواجهة التحديات التي تعترض سيري نحو المستقبل ؟ قلت له : سأذكر لك بعضها إن شاء الله .
تحلّى بالمرونة والمرح ؛ لتخفيف ضغوط المواقف الطارئة ،وتمسك بالالتزام المهني، والتلقائية والابتكار واستلهام الأفكار من المعطيات المعروضة ، واعمل من أجل الحصول على الثقة والاحترام والتقدير ، وثابر على التواصل مع الآخرين وشاركهم همومهم وآمالهم، واحرص على حضور اللقاءات والندوات وبرامج التدريب المتعددة داخل المدرسة وخارجها .
وفي نظرة ملؤها العزيمة والإصرار ، شكرني الزميل ، فودعته، داعياً له بالتوفيق والنجاح ، والصبر على حمل رسالة العلم والتعليم ، ثمّ قلت له لا تنس أنّك الحكيم الذي أرسلك قادة التربية إلى الميدان ، وتذكّر صفات الحكيم التي ذكرها الشاعر في الأبيات السابقة ، واعمل بمضمونها .
بقلم الدكتور محمد البحتري البريد الألكتروني albohturi@hotmail .com متحرك : 050537427
اقتباس:
تحلّى بالمرونة والمرح ؛ لتخفيف ضغوط المواقف الطارئة ،وتمسك بالالتزام المهني، والتلقائية والابتكار واستلهام الأفكار من المعطيات المعروضة ، واعمل من أجل الحصول على الثقة والاحترام والتقدير ، وثابر على التواصل مع الآخرين وشاركهم همومهم وآمالهم، واحرص على حضور اللقاءات والندوات وبرامج التدريب المتعددة داخل المدرسة وخارجها |
<div tag="2|80|” >
بارك الله فيك أخي الدكتور البحتري على هذا الأسلوب الاشرافي التربوي الرائع
أتمنىان تصل رسالتك هذه الى كل معلم ومعلمة في الميدان التربوي
لما نثرت بها من الدرر التربوية الني اذا ما طبقت من قبل المعلمين
أصبح ميداننا التربوي بألف خير واضحت بيئتنا المدرسية بيئة جاذبة لجميع الاطراف
أكرر شكري وتقديري داعيا العلي العظيم أن يكون عملك هذا في ميزان حسناتك
أتمنىان تصل رسالتك هذه الى كل معلم ومعلمة في الميدان التربوي
لما نثرت بها من الدرر التربوية الني اذا ما طبقت من قبل المعلمين
أصبح ميداننا التربوي بألف خير واضحت بيئتنا المدرسية بيئة جاذبة لجميع الاطراف
أكرر شكري وتقديري داعيا العلي العظيم أن يكون عملك هذا في ميزان حسناتك
مقطوعة تربوية رائعة من دكتورنا البحتري …. قديما أتحفنا الشاعر البحتري بقصائده الشعرية الرائعة و التي ما زلنا نعدها فخرا لأدبنا العربي ، واليوم ها هو البحتري رجل التربية و التعليم و العلم يتحفنا بمقاماته التي تزخر بالحكم و الجمال و الذوق و الخلق و الحب الكبير للعمل التربوي .
أشكر دكتورنا على هذا الطرح الرائع والحوار الجميل بين المعلم والحكيم " البحتري"
جزيت خيرا على طرحك المفيد وأسلوبك الراقي البسيط .
شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــرا
جزيت خيرا على طرحك المفيد وأسلوبك الراقي البسيط .
شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــرا
جزيت خيرا على طرحك المفيد وأسلوبك الراقي البسيط